ظنه) قرأ الجمهور صدق بالتخفيف ورفع إبليس ونصب ظنه. قال الزجاج: وهو على المصدر: أي صدق عليهم ظنا ظنه، أو صدق في ظنه، أو على الظرف. والمعنى: أنه ظن بهم أنه إذا أغواهم اتبعوه فوجدهم كذلك، ويجوز أن يكون منتصبا على المفعولية، أو بإسقاط الخافض. وقرأ حمزة والكسائي ويحيى بن وثاب والأعمش وعاصم " صدق " بالتشديد، وظنه بالنصب على أنه مفعول به. قال أبو علي الفارسي: أي صدق الظن الذي ظنه. قال مجاهد: ظن ظنا فصدق ظنه، فكان كما ظن، وقرأ أبو جعفر وأبو الجهجاء والزهري وزيد بن علي " صدق " بالتخفيف و " إبليس " بالنصب و " ظنه " بالرفع، قال أبو حاتم: لا وجه لهذه القراءة عندي، وقد أجاز هذه القراءة الفراء وذكرها الزجاج، وجعل الظن فاعل صدق وإبليس مفعوله، والمعنى: أن إبليس سول له ظنه شيئا فيهم فصدق ظنه، فكأنه قال: ولقد صدق عليهم ظن إبليس. وروي عن أبي عمرو أنه قرأ برفعهما مع تخفيف صدق على أن يكون ظنه بدل اشتمال من إبليس. قيل وهذه الآية خاصة بأهل سبأ. والمعنى: أنهم غيروا وبدلوا بعد أن كانوا قد آمنوا بها جاءت به رسلهم، وقيل هي عامة: أي صدق إبليس ظنه على الناس كلهم إلا من أطاع الله. قاله مجاهد والحسن. قال الكلبي: إنه ظن أنه إن أغواهم أجابوه، وإن أضلهم أطاعوه فصدق ظنه (فاتبعوه) قال الحسن: ما ضربهم بصوت ولا بعصى، وإنما ظن ظنا فكان كما ظن بوسوسته، وانتصاب (إلا فريقا من المؤمنين) على الاستثناء، وفيه وجهان: أحدهما أن يراد به بعض المؤمنين، لأن كثيرا من المؤمنين يذنب وينقاد لإبليس في بعض المعاصي، ولم يسلم منه إلا فريق، وهم الذين قال فيهم - إن عبادي ليس لك عليهم سلطان - وقيل المراد بفريقا من المؤمنين: المؤمنون كلهم على أن تكون من بيانية (وما كان له عليهم من سلطان) أي ما كان له تسلط عليهم: أي لم يقهرهم على الكفر، وإنما كان منه الدعاء والوسوسة والتزيين، وقيل السلطان القوة، وقيل الحجة، والاستثناء في قوله (إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك) منقطع، والمعنى:
لا سلطان له عليهم، ولكن ابتليناهم بوسوسته لنعلم. وقيل هو متصل مفرغ من أعم العام: أي ما كان له عليهم تسلط بحال من الأحوال ولا لعلة من العلل إلا ليتميز من يؤمن، ومن لا يؤمن، لأنه سبحانه قد علم ذلك علما أزليا. وقال الفراء: المعنى إلا لنعلم ذلك عندكم، وقيل إلا لتعلموا أنتم، وقيل ليعلم أولياؤنا والملائكة. وقرأ الزهري " إلا ليعلم " على البناء للمفعول، والأولى حمل العلم هنا على التمييز والإظهار كما ذكرنا (وربك على كل شئ حفيظ) أي محافظ عليه. قال مقاتل: علم كل شئ من الإيمان والشك.
وقد أخرج أحمد والبخاري والترمذي وحسنه والحاكم وصححه وغيرهم عن فروة بن مسيك المرادي قال " أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: يا رسول الله ألا أقاتل من أدبر من قومي بمن أقبل منهم؟ فأذن لي في قتالهم وأمرني، فلما خرجت من عنده أرسل في أثري فردني فقال: ادع القوم، فمن أسلم منهم فاقبل منه، ومن لم يسلم فلا تعجل حتى أحدث إليك، وأنزل في سبأ ما أنزل، فقال رجل: يا رسول الله وما سبأ: أرض أم امرأة؟ قال: ليس بأرض ولا امرأة، ولكنه رجل ولد عشرة من العرب، فتيامن منهم ستة وتشاءم منهم أربعة، فأما الذين تشاءموا: فلخم وجذام وغسان وعاملة، وأما الذين تيامنوا، فالأزد والأشعريون وحمير وكندة ومذحج وأنمار، فقال الرجل: يا رسول الله وما أنمار؟ قال: الذي منهم خثعم وبجيلة ". وأخرج أحمد وعبد بن حميد والطبراني وابن عدي والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس نحوه بأخصر منه. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (سيل العرم) قال: الشديد. وأخرج ابن جرير عنه قال (سيل العرم) واد كان باليمن كان يسيل إلى مكة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم أيضا في قوله (أكل