(إلا إيمانا وتسليما). وأخرج البخاري وغيره عن أنس قال: نرى هذه الآية نزلت في أنس بن النضر (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه). وأخرج ابن سعد وأحمد ومسلم والترمذي والنسائي والبغوي في معجمه وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي عن أنس قال: غاب عمي أنس بن النضر عن بدر فشق عليه وقال: أول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غبت عنه لئن أراني الله مشهدا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما بعد ليرين الله ما أصنع، فشهد يوم أحد، فاستقبله سعد بن معاذ فقال: يا أبا عمرو وأين؟ قال: واها لريح الجنة أجدها دون أحد، فقاتل حتى قتل، فوجد في جسده بضع وثمانون من بين ضربة وطعنة ورمية، ونزلت هذه الآية (رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) وكانوا يرون أنها نزلت فيه وفي أصحابه.
وقد روى عنه نحوه من طريق أخرى عند الترمذي وصححه والنسائي وغيرهما. وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين انصرف من أحد مر على مصعب بن عمير وهو مقتول فوقف عليه ودعا له، ثم قرأ (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) الآية، ثم قال: أشهد أن هؤلاء شهداء عند الله فأتوهم وزوروهم، والذي نفسي بيده لا يسلم عليهم أحد إلى يوم القيامة إلا ردوا عليه " وقد تعقب الحاكم في تصحيحه الذهبي كما ذكر ذلك السيوطي، ولكنه قد أخرج الحاكم حديثا آخر وصححه.
وأخرجه أيضا البيهقي في الدلائل عن أبي ذر قال: " لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم أحد مر على مصعب بن عمير مقتولا على طريقه، فقرأ (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) الآية ". وأخرج ابن مردويه من حديث خباب مثله، وهما يشهدان لحديث أبي هريرة. وأخرج الترمذي وحسنه وأبو يعلى وابن جرير والطبراني وابن مردويه عن طلحة " أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قالوا لأعرابي جاهل: سله عمن قضى نحبه من هو؟ وكانوا لا يجترئون على مسئلته يوقرونه ويهابونه، فسأله الأعرابي فأعرض عنه، ثم سأله فأعرض عنه، ثم إني اطلعت من باب المسجد فقال: أين السائل عمن قضى نحبه؟ قال الأعرابي: أنا، قال: هذا ممن قضى نحبه ". وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه من حديثه نحوه. وأخرج الترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن معاوية قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول " طلحة ممن قضى نحبه ". وأخرج سعيد بن منصور وأبو يعلى وأبو نعيم وابن المنذر وابن مردويه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: " من سره أن ينظر إلى رجل يمشي على الأرض قد قضى نحبه فلينظر إلى طلحة ". وأخرج ابن مردويه من حديث جابر مثله. وأخرج ابن منده وابن عساكر من حديث أسماء بنت أبي بكر نحوه. وأخرج أبو الشيخ وابن عساكر عن علي أن هذه الآية نزلت في طلحة. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس (فمنهم من قضى نحبه) قال: الموت على ما عاهدوا الله عليه، ومنهم من ينتظر الموت على ذلك. وأخرج أحمد والبخاري وابن مردويه عن سليمان بن صرد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الأحزاب " الآن نغزوهم ولا يغزونا " وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عمر في قوله (فمنهم من قضى نحبه) قال: مات على ما هو عليه من التصديق والإيمان (ومنهم من ينتظر) ذلك (وما بدلوا تبديلا) لم يغيروا كما غير المنافقون.