وأخوه الذي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر قومه بالصيام يوم عاشوراء قال فحدثني يحيى بن هند عن أسماء بن حارثة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه فقال مر قومك بصيام هذا اليوم قال أرأيت ان وجدتهم قد طعموا قال فليتموا آخر يومهم (قلت) فيحتمل أن يكون كل من أسماء وولده هند أرسلا بذلك ويحتمل أن يكون أطلق في الرواية الأولى على الجد اسم الأب فيكون الحديث من رواية حبيب بن هند عن جده أسماء فتتحد الروايتان والله أعلم واستدل بحديث سلمة هذا على صحة الصيام لمن لم ينوه من الليل سواء كان رمضان أو غيره لأنه صلى الله عليه وسلم أمر بالصوم في أثناء النهار فدل على أن النية لا تشترط من الليل وأجيب بان ذلك يتوقف على أن صيام عاشوراء كان واجبا والذي يترجح من أقوال العلماء انه لم يكن فرضا وعلى تقدير أنه كان فرضا فقد نسخ بلا ريب فنسخ حكمه وشرائطه بدليل قوله ومن أكل فليتم ومن لا يشترط النية من الليل لا يجيز صيام من أكل من النهار وصرح ابن حبيب من المالكية بان ترك التبييت لصوم عاشوراء من خصائص عاشوراء وعلى تقدير ان حكمه باق فالامر بالامساك لا يستلزم الاجزاء فيحتمل أن يكون أمر بالامساك لحرمة الوقت كما يؤمر من قدم من سفر في رمضان نهارا وكما يؤمر من أفطر يوم الشك ثم رأى الهلال وكل ذلك لا ينافي أمرهم بالقضاء بل ورد ذلك صريحا في حديث أخرجه أبو داود والنسائي من طريق قتادة عن عبد الرحمن ابن سلمة عن عمه ان أسلم أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال صمتم يومكم هذا قالوا لا قال فأتموا بقية يومكم واقضوه وعلى تقدير أن لا يثبت هذا الحديث في الامر بالقضاء فلا يتعين ترك القضاء لان من لم يدرك اليوم بكماله لا يلزمه القضاء كمن بلغ أو أسلم في أثناء النهار واحتج الجمهور لاشتراط النية في الصوم من الليل بما أخرجه أصحاب السنن من حديث عبد الله بن عمر عن أخته حفصة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له لفظ النسائي ولابى داود والترمذي من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له واختلف في رفعه ووقفه ورجح الترمذي والنسائي الموقوف بعد ان أطنب النسائي في تخريج طرقه وحكى الترمذي في العلل عن البخاري ترجيح وقفه وعمل بظاهر الاسناد جماعة من الأئمة فصححوا الحديث المذكور منهم ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وابن حزم وروى له الدارقطني طريقا آخر وقال رجالها ثقات وأبعد من خصه من الحنفية بصيام القضاء والنذر وأبعد من ذلك تفرقة الطحاوي بين صوم الفرض إذا كان في يوم بعينه كعاشوراء فتجزئ النية في النهار أو لا في يوم بعينه كرمضان فلا يجزئ الا بنية من الليل وبين صوم التطوع فيجزئ في الليل وفى النهار وقد تعقبه امام الحرمين بأنه كلام غث لا أصل له وقال ابن قدامة تعتبر النية في رمضان لكل يوم في قول الجمهور وعن أحمد انه يجزئه نية واحدة لجميع الشهر وهو كقول مالك واسحق (3) وقال زفر يصح صوم رمضان في حق المقيم الصحيح بغير نية وبه قال عطاء ومجاهد واحتج زفر بأنه لا يصح فيه غير صوم رمضان لتعينه فلا يفتقر إلى نية لان الزمن معيار له فلا يتصور في يوم واحد الا صوم واحد وقال أبو بكر الرازي يلزم قائل هذا أن يصحح صوم المغمى عليه في رمضان إذا لم يأكل ولم يشرب لوجود الامساك بغير نية قال فان التزمه كان مستشنعا وقال غيره يلزمه أن من أخر الصلاة حتى لم يبق من وقتها الا قدرها فصلى حينئذ تطوعا أنه يجزئه عن الفرض واستدل ابن حزم بحديث سلمة على أن من ثبت له هلال رمضان بالنهار
(١٢٢)