حتى شبع ثم يدخل فيخرج باناء فيه شراب فيشرب حتى يروى ثم يدخل وتلتئم الأرض فإذا أمسى فعل مثل ذلك قال ومر الناس قريبا منه فأتاه رجلان من القوم فمرا به تحت جنح الليل فسألاه عن قصدهما فسمت لهما بيده قال هذا قصدكما حيث يريدان فسارا غير بعيد قال أحدهما ما يسكن هذا الرجل ههنا بأرض لا أنيس بها ولا وحش لو رجعنا إليه حتى نعلم علمه قال فرجعنا إليه فقالا له يا عبد الله ما يقيمك بهذا المكان بأرض لا أنيس بها ولا وحش قال امضيا لشأنكما ودعاني فأبيا وألحا عليه قال فإني مخبركما على أن من كتم منكما عنى أكرمه الله في الدنيا والآخرة ومن أظهر على منكما أهانه الله في الدنيا والآخرة قالا نعم قال فنزلا فلما أصبحا خرج الخارج من الأرض مثل الذي كان يخرج من الطعام ومثليه معه فأكلوا حتى شبعوا ثم دخل فخرج إليهم بشراب في إناء مثل الذي كان يخرج به كل يوم ومثليه معه فشربوا حتى رووا ثم دخل والتأمت الأرض قال فنظر أحدهما إلى صاحبه فقال ما يعجلنا هذا طعام وشراب وقد علمنا سمتنا من الأرض أمكث إلى العشاء فمكثا فخرج إليهم من الطعام والشراب مثل الذي خرج أول النهار فقال أحدهما لصاحبه امكث بنا حتى نصبح فمكثا فلما أصبح خرج إليهما مثل ذلك ثم ركبا فانطلقا فأما أحدهما فلزم باب الملك حتى كان من خاصته وسمره وأما الآخر فأقبل على تجارته وعمله وكان ذلك الملك لا يكذب أحد في زمانه من أهل مملكته كذبة يعرف بها إلا صلبه فبينما هم ذات ليلة في السمر يحدثونه مما رأوا من العجائب أنشأ ذلك الرجل يحدث فقال ألا أحدثك أيها الملك بحديث ما سمعت أعجب منه قط فحدث بحديث ذلك الرجل الذي رأى من أمره قال الملك ما سمعت بكذب قط أعظم من هذا والله لتأتيني على ما قلت ببينة أو لأصلبنك قال بينتي فلان قال رضاء ائتوني به فلما أتاه قال الملك إن هذا يزعم أنكما مررتما برجل ثم كان من أمره كذا وكذا قال الرجل أيها الملك أو لست نعلم أن هذا كذب وهذا مالا يكون ولو أنى حدثتك بهذا لكان عليك من الحق أن تصلبني عليه قال صدقت وبررت فأدخل الرجل الذي كتم عليه في خاصته وسمره وأمر بالآخر فصلب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأما الذي كتم عليه منهما فقد أكرمه الله في الدنيا والآخرة وأما الذي أظهر عليه منهما فقد أهانه الله في الدنيا وهو مهينه في الآخرة، ثم نظر بكر بن عبد الله بن أنس فقال يا أبا المثنى سمعت جدك يحدث هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم. رواه الطبراني في الأوسط
(٣٠٥)