أقول: فلو كان الصحيح؛ معناه: القطعي الصدور، [ف] كيف يكون غير الصحيح بمعنى عدم القطع بالصدور - بعبارة أخرى -.
فقول الصدوق: " كل ما لم يحكم [محمد بن] الحسن بن الوليد بصحته " معناه: كل ما لم يحكم ابن الوليد بعدم القطع بصدوره عن المعصوم (عليه السلام) فهو عندنا غير القطعي الصدور، وهو ممنوع، بل مخالف للظاهر، إذ الظاهر من قوله: " إن محمد بن موسى الهمداني كان كذابا، غير ثقة " أنه لا يعتمد الشيخ [على الخبر] من طريقه، لكون الراوي غير [ثقة] فلا اعتماد على قوله، فلا يعتبر حديثه.
هذا هو معنى عدم الصحة، لا عدم القطع بصدور حديثه عن المعصوم (عليه السلام) وهو ظاهر لا لبس فيه.
هذا تمام الكلام في الجواب الإجمالي لما ذكره الحر العاملي - طاب ثراه - ومن يحذو حذوه، مثل صاحب الحدائق وغيره.
وأما الجواب التفصيلي؛ فوجوه:
أما عن الوجه الأول: فنمنع [كون] اهتمام القدماء وصرف همتهم في ضبط الأحاديث مقتضيا لثبوت قطعية الصدور.
ولو سلمنا ذلك الاقتضاء؛ فمن أين يكون حصول قطعهم بالصدور مستلزما لحصول القطع لغيرهم؟ لما عرفت [من] أن طريقة الأصحاب - قديما وحديثا - جرت على بيان النقد والانتخاب من غير اتكال أحدهم على الآخر، فلا يأخذ المتأخر كلام المتقدم تقليدا ومحض اتباع.
ألا ترى أن صاحب الكافي مع غاية ديانته، ونهاية تبحره وفضله، ومبالغته [في بذل] جهده في تصنيف الكافي في مدة عشرين سنة - مع سماع عرضه على الصاحب (عليه السلام)، كما اشتهر في ألسن الطلبة أنه بعد وصوله إلى نظره المبارك قال (عليه السلام): هو كاف لشيعتنا - لم يكتف الصدوق المتأخر عنه - مع قرب عهده، وكمال اعتقاده بديانته - باعتبار ما هو المنتخب فيه عنده، لما ذكرنا سابقا أن الصدوق ألف كتابا آخر مخالفا،