للعالم الحاذق المتقن؛ فتأمل.
ثم إن العمل بالوجادة قد نقل عن معظم المحدثين والفقهاء المالكين أنه يجوز، وعن الشافعي ونظار أصحابه جوازه، وقطع بعض الشافعية بوجوب العمل بها عند حصول الثقة، واستحسنه جمع قائلين: " هذا هو الصحيح، بل لا يتجه في هذه الأزمان غيره ". (1) هذا، وأنت خبير بما فيه؛ لأنه يمكن أن يقال: إن خلو علماء هذه الأزمان عن طرق تحمل الحديث وأدائه غير طريق الوجادة محل نظر، بل لا شك في أن هذه الدعوى من المجازفات الصرفة والتخمينيات المحضة.
وكيف لا؟! فإن طريق الإجازة من الأمور السهلة الجارية الموجودة في جميع الأزمنة، ولا سيما إذا لوحظ فيها القسم الأعم الأشمل الأسهل، على أنه فرق واضح بين كون المعتبرة كالكتب الأربعة - مثلا - عند الخاصة، والصحاح الست - مثلا - عند العامة، من مصنفيها وجامعيها من الأمور القطعية الحاصلة بالتسامع والتظافر، وكذا كون وجوب العمل بها من هذا الوجه وذلك اللحاظ، وبين كونها من قبيل الوجادة المصطلحة، ووجوب العمل بها لأجل حصول الثقة بها.
هذا، اللهم إلا أن يقال: إن المراد من حصول الثقة هو ما أشرنا إليه. ومع هذا كله نقول: إن إطلاق الوجادة على مثل ذلك كما ترى، اللهم إلا أن يبنى الأمر على التسامح:
فتأمل.
ثم إن جمعا قالوا: إن فائدة ذكر الوجادة زيادة القوة في الخبر، فإذا وجد حديثا في مسند أحمد - مثلا - وهو بخطه فقوله: " وجدت بخط أحمد كذا " أقوى من قوله: " قال أحمد " لأن القول ربما يقبل الزيادة والنقص والتغير - ولا سيما عند من يجيز النقل بالمعنى - وذلك بخلاف الخط.
تذييل: في أهلية التحمل يصح التحمل قبل الإسلام بلا خلاف، وهكذا قبل البلوغ على الأصح الأشهر. و