عليه في أول كتبهم من إيراد ما أفتوا به وحكموا بصحته.
فالصدوق - منهم - ذكر في أول كتابه - على ما أشرنا إليه -: أني لم أقصد قصد المصنفين في إيراد جميع ما رووه، بل قصدت إلى إيراد ما أفتي به، وأحكم بصحته، وأعتقد فيه أنه حجة... إلى آخره، فلا شك - بملاحظة ما ذكره في أول كتابه - لا يمكن الحكم بأن جميع أحاديث الفقيه صحيحة عند الصدوق بسبب قوله في أول كتابه، لأنا بعد التتبع التام نرى بالعيان أنه لم يف بما تعهد به في أول كلامه، بل كثيرا ما ذكر ما لا يفتي به، ولا يحكم بصحته، من ذكر [و] إيراد خلاف ما قصده - أولا - إما مسامحة أو غفلة أو لعلة أخرى.
وكذلك الشيخ - في بين الكتابين - ذكر خلاف ما بنى عليه في الأول.
ومثل ذلك الكليني - رحمه الله -، فربما ذكر حديثا عن غير المعصوم - على ما هو ببالي في موضع من الميراث، وجدته زمان التدريس في أواخر شهر شعبان سنة (1280) وكذا غيره من المواضع التي نذكرها إن شاء الله تعالى -.
ومنها: في (باب لباس المصلي) (1): فأما الحديث الذي روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: " لا بأس أن يصلي الرجل والنار والسراج والصورة بين يديه، لأن الذي يصلي له أقرب اليه من الذي بين يديه " فهو حديث يروى عن ثلاثة من المجهولين بإسناد منقطع، يرويه الحسن بن [علي] الكوفي - وهو معروف - عن الحسين بن عمرو، عن أبيه، عن عمر بن إبراهيم الهمداني - وهم مجهولون -.
ومنها: في (باب إحرام الحائض) (2): قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه: وبهذا الحديث أفتي دون الحديث الذي رواه ابن مسكان.
وقال أيضا: إن هذا الحديث إسناده منقطع، والحديث الأول رخصة ورحمة.