أكثر في الفقيه من إيراد الحديث الذي صرح بأنه لا يفتي به، بل يفتي بما رواه فلان في خلافه؛ في مواضع عديدة، وتفصيل مجاهيل الأسناد يستفاد من مطالعة شرح مشيخة الفقيه لشيخنا المجلسي (1) - أعلى الله مقامه -، حيث عدهم مائة واثنين وعشرين رجلا مجهولا، مضافا إلى الضعفاء والمهملين.
فلزيادة البصيرة، ورفعا [للشبهة عمن] كانت له شبهة؛ نشير إلى بعض منها بقولنا:
منها: في باب الوضوء حيث قال (2): فأما الأخبار التي رويت في أن الوضوء مرتين مرتين؛ فأحدها بإسناد منقطع يرويه أبو جعفر الأحول - إلى أن قال: (3) - وفي ذلك حديث آخر بإسناد منقطع رواه عمرو بن أبي المقدام - إلى أن قال (4) -: ومعناه: أن تجديده بعد التجديد لا أجر له كالأذان، من صلى الظهر والعصر بأذان وإقامتين أجزأه، ومن أذن للعصر كان أفضل، والأذان الثالث بدعة لا أجر له، وكذلك ما روي: أن مرتين أفضل؛ معناه التجديد، انتهى.
[و] لا شك ولا شبهة ولا ريب أن الحديث المنقطع - أو المقطوع - من أقسام المرسل الذي سقط واحد من سلسلة رواته في وسط السند، ومع كونه مرسلا عمل به الصدوق حيث حمله على التجديد، ومع كونه - رحمه الله - عاملا بمثل هذا السند - بعد تصريحه بكونه منقطعا - كيف استدل هؤلاء الأكابر من الأخباريين بشهادة الصدوق على قطعية صدور الأخبار المودعة في الفقيه؟
مع أنه لا نسلم كون ما ذكره المشايخ في ديباجة كتبهم الأربعة شهادة - ولو إيماءا - فكيف يدل دلالة صريحة أو التزاما؟ بل ظاهر كلامهم في بيان اعتبار اجتهاداتهم.
مع أن من تتبع كلامهم في مواضع [من] تلك الكتب وجد أنهم عدلوا عما بنوا