الفائدة الثانية: ذكر بعض فضلاء العامة أن السلف اختلفوا في كتابة الحديث، فكرهتها طائفة منهم: عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود، وأبو سعيد الخدري، و أباحتها طائفة أخرى كأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وابنه الحسن (عليه السلام)، وعبد الله بن عمرو بن العاص. (1) ثم أجمع أهل العصر الثاني على جوازه، ثم انتشر تدوين الحديث وجمعه، و أجمع عليه الأئمة المقتدى بهم، وظهرت فوائد ذلك ونفعه.
أقول: إن ما كان عليه ابن ضحاك الحبشية وحزبه مما على خلافه العقل والنقل الساطع من الكتاب والسنة والإجماع والضرورة. فإن ما صدر (2) منه لإضمحلال آثار الشريعة واندراس ما ظهر منها، ومن قصده إطفاء نور الله تعالى، ونحو ذلك من مثالبه ومعايبه.
وبالجملة: فإنه لا ريب في كون كتابة الأحاديث من المندوبات العينية و الواجبات الكفائية، بل قد تجب على جمع فرضا عينا، والأمر بذلك من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأوصيائه من آله المعصومين صلوات الله عليه وعليهم أجمعين مما قد بلغ حد التسامح والتظافر، وقد أشرنا إلى جملة من ذلك في فن الأصول الرجالية.
الفائدة الثالثة: قيل: أهل الحديث خمسة:
الطالب: وهو من ابتدأ في تعلم علم الحديث.
والشيخ: وهو الأستاد المعلم للحديث.
والحافظ: وهو من كان تحت ضبطه مائة ألف حديث متنا وإسنادا.
والحجة: وهو ما كان تحت ضبطه ثلاث مائة ألف حديث متنا وإسنادا.
والحاكم: وهو من أحاط علمه بجميع الأحاديث.
أقول: إن ضابط مائة ألف حديث ضبطا بالمعنى الأخص بأن يكون عن ظهر الخاطر لا عن وجه الصحف والدفاتر. قلما يوجد بين المحدثين من الإمامية بل