العمل بما هو أضعف منه، هذا إذا لم يكن له معارض من الحديث، ومعلوم أن ترجيح الأضعف على الأقوى غير جائز.
وقد ذكر أكثر هذه الوجوه بعض المحققين من المتأخرين، وإن كان بعضها يمكن المناقشة فيه فمجموعها لا يمكن رده عند الإنصاف.
ومن تأمل وتتبع علم أن مجموع هذه الوجوه، بل كل واحد منها أقوى وأوثق من أكثر أدلة الأصول، وناهيك بذلك برهانا، فكيف إذا انضم إليها الأحاديث المتواترة السابقة في كتاب القضاء.
وعلى كل حال، فكونها أقوى - بمراتب - من دليل الاصطلاح الجديد؛ لا ينبغي أن يرتاب فيه منصف، والله الهادي. (1) أقول: الجواب [عن] هذه [الوجوه أنها] شكوك وشبهات لا يحتاج ردها إلى تجشم البراهين والدلائل، وجملة جواب ما ذكره هذا الفاضل إما بطريق الإجمال أو التفصيل.
أما الجواب الإجمالي:
فأولا: أن تلك الوجوه لو سلمنا أن مقتضاها الحكم بصحة الأخبار المودعة في الكتب الأربعة ظاهرا، إلا أن ذلك الاقتضاء أمر بدوي، وحصول الظن منها ظاهري؛ بعد ملاحظة ذهاب الطائفة إلى خلافها، وإعراضهم - قاطبة - عن العمل بمقتضاها البدوي، [ف] يزول الظن المزبور بالكلية.
وثانيا: يلزم - على مقالة الفاضل ومن قال بمقالته كمولانا الأسترآبادي، وسيدنا التستري، وصاحب الحدائق على ما مرت إليه الإشارة، وسيجيئ الكلام فيه مستوفى - عدم قطعية تلك الأخبار، إذ القول بصحة الأخبار المودعة وقطعيتها بالكلية؛ يلزم [منه] القول بعدم صحتها، وعدم قطعيتها، وما يستلزم وجوده عدمه فهو باطل، فبطلان التالي لا يحتاج إلى البيان.