تذنيب: فاعلم أنه قد شدد قوم في الرواية فأفرطوا وتساهل آخرون ففرطوا.
فمن المشددين من قال: لا حجة إلا فيما رواه من حفظه، ومنهم من جوزها من كتابه إلا إذا خرج من يده.
وقال بعض المتساهلين: يجوز من نسخ غير مقابلة بأصولهم. والصواب ما عليه الأكثر من أنه إذا قام في التحمل والمقابلة بما تقدم جازت الرواية منه وإن غاب، إذا كان الغالب سلامته من التغيير، لا سيما إن كان ممن لا يخفى عليه التغيير غالبا. (1) ثم إنه إذا أراد الرواية من نسخة ليس فيها سماعه ولا هي مقابلة به لكن سمعت على شيخه أو فيها سماع شيخه أو كتبت عن شيخه وسكنت نفسه إليها لم تجز الرواية منها عند عامة المحدثين من العامة، فهذا كما ترى مما تدفعه السيرة مضافة إلى أنه يحصر الأمر على القراءة على الشيخ أو السماع منه، وقد عرفت أن هذا خلاف التحقيق وما عليه الأكثر.
وقد تنبه لبعض ما قلنا جمع منهم فقالوا: إنه متى عرف أن هذه الأحاديث هي التي سمعها من الشيخ جاز أن يرويها إذا سكنت نفسه إلى صحتها وسلامتها. هذا إذا لم تكن إجازة عامة لمروياته أو لهذا الكتاب، فإن كانت جازت الرواية منها فله أن يقول:
" حدثنا " و " أخبرنا " من غير بيان الإجازة. والأمر في ذلك قريب يقع مثله في محل التسامح، ولا غنى في كل سماع من الإجازة لينفع ما يسقط من الكلمات سهوا أو غيره مرويا بالإجازة وإن لم يكن لفظها، فهذا تيسير حسن لمس الحاجة إليه في أكثر الأزمنة.
وإن كان في النسخة سماع شيخ شيخه أو كانت مسموعة عليه فيحتاج ذلك إلى أن يكون له إجازة شاملة من شيخه ولشيخه مثلها من شيخه.
ثم إنه إذا وجد في كتابه خلاف حفظه فإن كان حفظ منه رجع إليه، وإن كان حفظ من فم الشيخ اعتمد حفظه إن لم يشك، وحسن أن يجمعها فيقول: " حفظي كذا " و " في