والثلاثة الأولى من الأربعة حجة. وأما الضعيف، فلا حجة فيه إلا إذا اشتهر العمل به، ويسمى مقبولا فهو حينئذ حجة سيما إذا كان الاشتهار بين القدماء، نعم يجوز الاستدلال به في المندوبات والمكروهات؛ للتسامح في أدلتهما لأخبار من بلغ.
[تقسيم الحديث والخبر عند القدماء] ونسبة هذا الاصطلاح - أعني تنويع الخبر بالأنواع الأربعة - إلى المتأخرين؛ لأن المتقدمين لم يكن ذلك معروفا بينهم بل الخبر عندهم صحيح وغير صحيح.
والصحيح عندهم ما كان معتضدا بأمارات توجب الوثوق والاطمئنان والاعتماد عليه كوثاقة رواته أو وجوده في كثير من الأصول أو في البعض بطرق متعددة، أو في أصل أحد الجماعة الذين أجمعوا على تصحيح ما يصح عنهم كصفوان، أو تصديقهم كزرارة، أو على العمل بروايتهم كعمار، أو اعتضاده بعمل الطائفة، أو اعتماد الشيخ الجليل عليه إلى غير ذلك من الأمارات التي كانت توجب وثوقهم به.
وغير الصحيح هو ما لم يكن كذلك.
وعلى هذا الاصطلاح القدمائي جرى ابن بابويه في كتابه الفقيه، فحكم بصحة ما أورده فيه، وغيره من القدماء في غيره مع عدم كون المجموع صحيحا باصطلاح المتأخرين، ولذا حكموا بضعف كثير من الأخبار المحكومة عند المتقدمين بالصحاح حتى المدونة في الأربعة.
[دليل عدول المتأخرين عن طريقة المتقدمين] والباعث للمتأخرين على عدولهم عن طريقة القدماء ووضع هذا الاصطلاح - على ما ذكره بعض الأعلام - " هو تطاول الأزمنة بينهم وبين صدر السالف، واندراس بعض الأصول المعتمدة؛ لتسلط الظلمة والجابرين من أهل الضلال والخوف من إظهارها وانتساخها، وانضم إلى ذلك اجتماع ما وصل إليهم من الأصول في الكتب