وأما التهذيب والاستبصار فهما تأليف شيخ الطائفة ورئيسها أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي - أطاب الله ثراه وأعلى محله ومأواه - وله مؤلفات أخرى في التفسير والأصول والفروع، لا يحضرني كميتها. توفي بالمشهد الغروي - على ساكنه صلوات الله - سنة ستين وأربعمائة. (1) فهؤلاء المحمدون الثلاثة - سقى الله تربتهم وأعلى في الكرامة رتبتهم - أئمة المحدثين من أعلام المتأخرين، من علماء الفرقة المحقة الناجية الإمامية الاثني عشرية رضوان الله عليهم أجمعين.
منهج [12] [في كيفية الإسناد في الكتب الأربعة] دأب ثقة الإسلام أبي جعفر الكليني - قدس الله روحه - في كتاب الكافي أن يأتي في كل حديث بجميع سلسلة السند إلى المعصوم غالبا أو البعض. وأما الباقي فيحيل فيه على ما سبق. مثاله: " عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد البرقي، عن أبيه... عن أبي عبد الله (عليه السلام) " ويذكر الحديث، ثم يقول بعده: " وبهذا الإسناد عن أبيه " والضمير عائد على " أحمد بن محمد البرقي "؛ فيكون في الحقيقة كالمذكور.
ودأب رئيس المحدثين أبي جعفر محمد بن بابويه القمي - نور الله مرقده - في كتاب من لا يحضره الفقيه، أن يترك أكثر السند غالبا من أوله؛ ويكتفي بذكر الراوي الذي أخذ عن المعصوم (عليه السلام) فقط؛ ثم يذكر الطرق المتروكة في آخر الكتاب مفصلة متصلة. و لم يخل بذلك إلا نادرا. مثاله: " سأل عمار الساباطي أبا عبد الله (عليه السلام) عن كذا " ويذكر الحديث، ثم يقول في آخر الكتاب: " كل ما كان في هذا الكتاب عن عمار بن موسى الساباطي، فقد رويته عن أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد - رضي الله عنهما - عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال عن عمرو بن سعيد