فإن قلت: احتمال الغلط والتحريف والتصحيف بالإضافة إلى النسخ يأبى ما اخترتم، كيف وكثرة نحو هذه الدلالات غير عزيزة جدا.
قلت: الاحتمال المزبور - لو سلم - لا ربط له بالمقام، بل هو شيء آخر، والمناط ملاحظة حالتي القراءة والإملاء من حيث هما، مع قطع النظر عن الأمور الخارجة عنهما.
وأما الدليل على أن كون السماع أعلى مراتب التحمل بينهم حتى القراءة على الشيخ - كما هو المشهور - [ف] إنه جاءت الرواية عن الصادق (عليه السلام) في الخبر الصحيح عن ابن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد ومحمد بن الحسين، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان حيث سأله: يجيئني القوم فيستمعون مني حديثكم فأضجر ولا أقوى، قال: فاقرأ عليهم من أوله حديثا، ومن وسطه حديثا، ومن آخره حديثا. (1) والأمر بها دون غيرها يقتضي علو المرتبة كما لا يخفى.
والثاني: القراءة على الشيخ التي عليها المدار في هذه الأعصار، ويقال لها:
" العرض على الشيخ " وفي كونها كالسماع أو أعلى منه أو أدنى؛ خلاف، أشهره الثالث، ووجهه ما مر آنفا.
وبالجملة، فهي قد تكون بقراءة المتحمل عند الشيخ، وقد تكون بقراءة غيره وسماعه.
وعلى التقديرين: قد تكون مع كون الأصل المصحح بيد الشيخ، أو بيد ثقة؛ وقد تكون [مع] التفات الشيخ إلى ما في حفظه، فيقول: " قرأت عليه وأقر به " أو إحدى العبارات المذكورة مقيدة ب " قراءة عليه " أو " قرئ عليه - وأنا أسمع - فأقربه " مثل " قرأت على فلان واعترف " أو " حدثني " أو " أخبرني فلان " ونحوهما، مثل " حدثني فلان قراءة عليه " أو أحدها مقيدة.