ومنها المعلل ومعرفة علل الحديث من أجل علومه وأدقها وإنما يتمكن من ذلك أهل الحفظ والضبط والخبرة بطرق الحديث ومتونه ومراتب الرواة وطبقاتهم والفهم الناقد الثاقب؛ والحديث المعلل يطلق على حديث اشتمل على أمر خفي في متنه أو سنده قادح في اعتباره وصحته وجواز العمل به مع أن ظاهره السلامة من ذلك، والعلة مسطورة في المطولات.
ويطلق المعلل أيضا عند متأخر المتأخرين على حديث اشتمل على ذكر علة الحكم تامة كانت - كما في موارد يتعدى بها إلى غير المنصوص لوجودها فيه كإسكار الخمر - أو ناقصة وهي المسماة بالوجه والمصلحة كرفع أرياح الآباط في غسل الجمعة ونحوه بما يقرب إلى حد تعذر الضبط.
ومنها المقلوب وهو ما قلب بعض ما في سنده أو متنه إلى بعض آخر مما فيه لا إلى الخارج عنهما وبالجملة ما وقع فيه القلب المكافي ففي السند أن يقال: محمد بن أحمد بن عيسى والواقع أحمد بن محمد بن عيسى، أو يقال: محمد بن أحمد بن يحيى عن أبيه محمد بن يحيى والواقع أحمد بن محمد بن يحيى عن أبيه محمد بن يحيى ونحوهما.
وفي المتن كما في حديث " السبعة الذين يظلهم الله في عرشه " (1) ففيه و " رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا يعلم يمينه ما ينفق شماله " وإنما هو " حتى لا يعلم شماله ما ينفق يمينه " وعلى ما ذكرنا من تفسير المقلوب فالفرق واضح بينه وبين المصحف فتدبر.
ومنها الموضوع (2) وهو المختلق الموضوع وهذا شر أقسام الضعيف ولا يحل للعالم أن يرويه إلا مقرونا ببيان موضوعيته بخلاف غيره من الأحاديث الضعيفة التي تحتمل الصدق حيث جوزوا روايتها في الترغيب والترهيب من غير ذكر ضعفها وقد أشرنا إليه سابقا.