فأما الطعام فالعشر فيما سقت السماء، وأما ما سقي بالغرب والدوالي فإنما عليه نصف العشر ".
[قال الشيخ]: فإن هذين الخبرين - أي المذكور وما قبله - الأصل فيهما " سماعة " وتختلف روايته، [لأن الرواية الأخيرة] قال فيها: " سألته " ولم يذكر المسؤول، وهذا يحتمل أن يكون المسؤول غير من يجب اتباع قوله.
وزاد [أيضا] فيه الفرق بين زكاة الحنطة والشعير [والتمر] والزبيب، وقد قدمنا من الأحاديث ما يدل على أنه لا فرق بين هذه الأشياء، [والرواية الأولى قال فيها: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) وذكر الحديث] وهذا الاضطراب في الحديث مما يضعف الاحتجاج به. (1) وهذا الكلام من الشيخ يدل على أمرين:
أحدهما: تصريحه بضعف ما صححه الكليني وعمل به، كالروايتين المرويتين في الكافي [اللتين] عمل بهما الكليني وقد صرح الشيخ بضعفهما، واضطرابهما [مما يضعف] الاحتجاج بهما، وذلك أدل شاهد على أنهم لم يعملوا بجميع ما رواه الآخر، ولعل دأب جل القدماء كان كذلك، كما مرت الإشارة إلى ذلك.
وثانيهما: أن الكليني قد يروي حديثا لا يسنده إلى المعصوم - كما في الرواية الأخيرة في باب زكاة الحنطة - ومثل ذلك في الكافي ليس بعديم النظائر، كما لا يخفى على المتتبع من ذوي البصائر، ومثل ذلك كاف لدى الأكابر.
[و] أما الجواب عن الثالث: فواعجبا من التمسك بالحكمة في إثبات قطعية صدور جميع الأخبار المودعة في الكتب الأربعة، لأن عدم تضييع [من في] أصلاب الشيعة لا يناط بصدق صدور تلك الأخبار، بل الحكمة لا ربط لها بهذه المقدمات أولا.
وثانيا: على فرض قضية الحكمة الإلهية الربانية [فإنها] تابعة للمصالح والمفاسد الكامنة، فلا بد أن يكون مقتضاها الهداية [إلى] الأحكام الواقعية، والدلالة على معرفة مضمونها، حتى تكون الأحكام نفسها قطعية، سواء حصل العلم بصدور أخبارها أم لا،