الطريق الثامن: الوجادة وهي مصدر لوجد يجد، مولد غير مسموع من العرب، وهي أن يقف على أحاديث بخط راويها ولم يسمعها منه الواجد ولا له منه إجازة أو نحوها. فله أن يقول:
" وجدت " أو " قرأت بخط فلان ". فهذا الذي استمر عليه العمل قديما وحديثا، وهو من باب المنقطع، وفيه شوب اتصال.
وربما دلس بعضهم فذكر الذي وجد بخطه وقال فيه: " عن فلان " أو " قال فلان " و هو قبيح إن أوهم سماعه. وقد جازف بعضهم فأطلق في الوجادة " حدثنا " و " أخبرنا " و أنكر عليه ذلك؛ لأنه أقبح تدليس قادح في الرواية.
وبالجملة: فإن الوجادة هي أن يجد بخط يعرف كاتبه فيقول: " وجدت بخط فلان " ولا يسوغ فيه إطلاق " أخبرني " بمجرد ذلك إلا إن كان له منه إذن بالرواية عنه بأن يقول له: " متى وجدت حديثا أو كتابا بخطي فاروه عني ".
تذنيب: في بيان أمور:
فاعلم إنه إذا وجد حديثا في تأليف شخص وقال: " ذكر فلان " أو قال: " أخبرنا فلان " فهذا منقطع. وهذا كله إذا وثق بأنه خطه أو كتابه وإلا فليقل: " بلغني عن فلان " أو " وجدت عنه " أو نحوه أو " قرأت في كتاب أخبرني فلان أنه بخط فلان " أو " ظننت أنه خط فلان " أو " ذكر كاتبه أنه فلان " أو " تصنيف فلان " أو قيل: " بخط أو تصنيف فلان " و إذا نقل من تصنيف فلا يقل: " قال فلان " إلا إذا وثق بصحة النسخة بمقابلته أو ثقة لها، فإن لم يوجد هذا ولا نحوه فليقل: " بلغني عن فلان " أو " وجدت في نسخة من كتابه " و نحوه. وأما إطلاق اللفظ الجازم كما يعتمده أكثر الناس في جملة من الأعصار والأزمنة فتسامح.
وقد يقال: إن كان المطالع عالما متقنا لا يخفى عليه الساقط والمغير رجونا جواز الجزم له، فبهذا استروح كثير من المصنفين، وأما ما يوجد على حواشي بعض الكتب، فإن كان بخط معروف فلا بأس بنقله ونسبته إلى من هو له، وإلا فلا يجوز اعتماده إلا