الإسناد، فهذا هو العلو المطلق، فإن اتفق أن يكون سنده صحيحا كان الغاية القصوى و إلا فصورة العلو موجودة ما لم يكن موضوعا.
فمن هذا القسم ثلاثيات الكليني (رحمه الله) عند الخاصة، والبخاري عند العامة.
وبعد هذه المرتبة قرب الإسناد إلى أحد أئمة الحديث وجهابذة المشيخة في أي طبقة كان، وهذا هو العلو النسبي والإضافي، وهو ما يقل العدد فيه إلى ذلك الشخص، وإنما كان العلو مرغوبا فيه لكونه أقرب إلى الصحة وقلة الخطأ؛ لأنه ما من راو من رجال الإسناد إلا و الخطأ جائز عليه، فكلما كثرت الوسائط وطال السند كثرت مظان التجويز وكلما قلت قلت.
فإن كان في النزول مزية ليست في العلو كأن يكون رجاله أوثق منه أو أحفظ أو أفقه و (1) الاتصال فيه أظهر فلا ريب في أن النزول حينئذ أولى.
وأما من رجح النزول مطلقا واحتج بأن كثرة البحث تقتضي المشقة، وذلك مفتاح تزايد الفيض وتضاعف الأجر، فقد رجح بأمر وحشي وأجنبي عما يتعلق بهذا الفن.
ثم إن من العلو النسبي العلو بالنسبة إلى رواية أحاديث أحد الأصول المعتبرة و الكتب المعتمدة مثل كتب الكليني (رحمه الله) والصدوق (رحمه الله) والشيخ ونحوهم، وهذا في كتب العامة مثل صحيح البخاري وصحيح مسلم وموطأ مالك وصحيحي أبي عيسى الترمذي و أبي عبد الرحمن النسائي وسنن أبي داود السجستاني ومستدرك أبي عبد الله الحاكم وجامع الأصول لابن الأثير ونحو ذلك. وهذا النحو من العلو مما كثر اعتناء المتأخرين به من الموافقة والأبدال والمساواة والمصافحة.
فالموافقة، هي الوصول إلى شيخ أحد المصنفين عن غير طريقه.
والإبدال، وقد يقال له البدل، وهو الوصول إلى شيخ شيخه كذلك.
والمساواة، وهي استواء عدد الإسناد من الراوي إلى آخره مع إسناد أحد المصنفين، وذلك الأخير كأن يروي الراوي - مثلا - حديثا يقع بينه وبين المعصوم (عليه السلام) أحد عشر نفسا فيقع لنا ذلك الحديث بعينه بإسناد آخر إلى المعصوم (عليه السلام) يقع بيننا فيه و