كما أنه لو اعتبر في التعديل العلم والظن بكون الشخص بحيث لو فرض صدور كبيرة عنه بادر إلى التوبة ألبتة، كان المناسب تقديم المعدل؛ لأن غاية الجرح صدور المعصية، لكن المعدل يظن أو يعلم بصدور التوبة عقيب المعصية على فرض صدورها، فكان الجارح مستندا في تفسيقه إلى صدور الكبيرة وعدم العلم بالمزيل و هو التوبة، والمعدل وإن لم يشهد بعدم صدور المعصية، إلا أنه يشهد بالتوبة على فرض صدور المعصية كما أفيد؛ فتأمل وتدبر.
وكيفما كان، فالمختار أنه متى اجتمع جرح وتعديل قاطبة، ولم يمكن الجمع بحمل الثاني على الظاهر، والأول على نفس الأمر مثلا، بني على المرجح من كثرة العدد وغلبة التورع وأمثال ذلك.
وبالجملة، فالأنسب (والأولى)، بل اللازم ولو في بعض المحال، (التعويل على ما يثمر غلبة الظن، كالأكثر عددا وورعا أو ممارسة)، كما مر آنفا.
الثانية والعشرون: اعلم أن الألفاظ المتداولة بين علماء الرجال - التي يذكرونها في حال الرواة - على ثلاثة أنحاء:
منها: ما هو ظاهر في التعديل.
ومنها: ما هو ظاهر في الجرح.
ومنها: ما لا يدل على شيء منهما وإن دل بعض منها على مدح في الجملة.
فأما (ألفاظ التعديل) وما ينص على عدالة الراوي، فكقولنا:
(ثقة)، والأغلب استعمالها بمعنى العدل، بل ولا يتبادر منها في الفن إلا ما مر، كما أفيد وتكريره (1) للتوكيد.
وهل يدل (2) على عدل الراوي وعدم فساد عقيدته، أو على الأول فقط؟ لعله هو الأوجه، إلا بضميمة قرينة خارجة، كمعلومية أن المطلق إذا أطلق فلا يريد غير