وهذا كله في ما كان من حكاية واحدة أو حديث واحد، وأما إذا اختلفت الأحاديث والأخبار فلا يجوز خلط شيء منها في شيء من غير تميز؛ فتأمل.
الفائدة الخامسة: اختلف في رواية بعض الحديث لواحد دون بعض، فمنعه بعضهم مطلقا بناءا على منع الرواية بالمعنى، ومنع بعضهم تجويزها بالمعنى إذا لم يكن رواه هو أو غيره بتمامه قبل هذا، وجوزه بعضهم مطلقا.
والصواب التفصيل وجوازه من العارف إذا كان ما تركه غير متعلق بما رواه بحيث لا يختل البيان ولا تختلف الدلالة بتركه، وسواء جوزناها بالمعنى أم لا، رواه قبل تاما أم لا.
وقد يقال: إن هذا إن ارتفعت منزلته عن التهمة، فأما من رواه تاما فخاف إن رواه ناقصا ثانيا أن يتهم بزيادة أولا، أو نسيان لغفلة وقلة ضبط ثانيا، فلا يجوز له النقصان ثانيا ولا ابتداء إن تعين عليه أدائه. (1) هذا، وأنت خبير بما فيه: فتأمل.
وأما تقطيع المصنف الحديث في الأبواب فهو جائز قطعا، بل مما قامت عليه السيرة بين الخاصة والعامة. نعم إن بعض العامة قد كرهه. (2) وهو مردود بما أشرنا إليه، مضافا إلى الأصل وعدم الدليل عليه.
ثم اعلم أنه إذا قدم المتن كقال النبي (صلى الله عليه وآله) كذا، أو قدم بعض السند كقال أبو ذر، عن سلمان، عن النبي (صلى الله عليه وآله) كذا، ثم يقول: أخبرنا به فلان عن فلان حتى يتصل صح وكان متصلا. فلو قدم سامعه جميع السند على المتن جاز جدا. وما عن بعض العامة ينبغي فيه الخلاف وهو مبني على الرواية بالمعنى (3)، مما ليس في محله.