وقد قال بعضهم: " إن للجرح مراتب أسوؤها الوصف بما دل على المبالغة فيه، و أصرح ذلك التعبير بأفعل كأكذب الناس، وكذا قولهم: إليه المنتهى في الوضع، وهو ركن الكذب، ونحو ذلك. ثم دجال أو وضاع أو كذاب؛ لأنها وإن كان فيها نوع مبالغة لكنها دون التي قبلها. وأسهلها لين أو سئ الحفظ أو فيه أدنى مقال.
وبين أسوأ الجرح وأسهله مراتب لا تخفى. فقولهم: متروك أو ساقط أو فاحش الغلط أو منكر الحديث أشد من قولهم: ضعيف أوليس بقوي أو فيه مقال ". (1) الفصل الرابع متضمن لجملة من الفوائد فهي وإن لم تكن بمثابة ما مرت إليه الإشارة من الفوائد المتقدمة في شدة الحاجة إليها إلا أنها مع ذلك مما تزيد به البصيرة والحذاقة، على أن خلو الكتاب عن كل ذلك خلو الصناعة من جملة من الأمور التي عنون لها جمع من العلماء، وإن كانوا بأجمعهم أو معظمهم من العامة.
وبالجملة: فإن مقصودنا أن يكون هذا الكتاب في هذين الفنين وما يتعلق بهما كتابا شافيا كافيا، ويستغنى به عن الرجوع إلى سائر الكتب في هاتين الصناعتين.
الفائدة الأولى: في الإشارة إلى معرفة سبب الحديث:
فاعلم أن معرفة هذا من الأمور المهمة، فهذا شأن جليل وأمر عظيم كثير الفوائد، أما ترى أنه قد ينقل في جملة من الكتب جملة من الأحاديث ذوات الأسباب فلا يذكر فيها أسبابها فيختل بذلك الأمر بالنسبة إلى جملة من المقامات؟! بل قد تفوت بذلك جملة من المقاصد.
فلنمثل لك في هذا الباب مثالا حتى يتبين لك الأمر، فنقول: قد ورد في الحديث