وربما يقال: إنه يقابل الموثق والقوي كليهما فقط.
وبالجملة: فإن القول بتربيع الأقسام بإسقاط القسم الرابع من البين كالقول بإدراجه تحت الحسن؛ نظرا إلى أن عدم الذم مرتبة ما من مراتب المدح، مما ليس في محله.
نعم، يمكن أن يقال: إن ديدن علماء الرجال في الإهمال ليس على نمط واحد؛ فإن إهمال النجاشي (رحمه الله) مما يفيد المدح فكأن ذلك قد صار كالعادة منه، فهذا مما لا يخفى على الآخذ بمجامع كلماته؛ فتأمل.
تذييل: في الإشارة إلى بعض الأمور المهمة.
فاعلم أن علماء العامة قد اعتبروا في حد الصحيح سلامته عن الشذوذ والعلة، و كونه مروي من يكون مع العدالة ضابطا. وبالجملة: فإن حده عندهم كما مرت إليه الإشارة - هو ما اتصل سنده بالعدول الضابطين من غير شذوذ ولا علة.
وقد عبر بعضهم بما يقرب من ذلك، وهو أن خبر الآحاد بنقل عدل تام الضبط متصل السند غير معلل ولا شاذ هو الصحيح لذاته.
وقال بعد ذكر العزيز - وهو أن لا يرويه أقل من اثنين عن اثنين سمي بذلك إما لقلة وجوده وإما لكونه عز أي قوي بمجيئه من طريق أخرى -: إن ذلك ليس شرطا للصحيح خلافا لمن زعمه، وهو أبو علي الجبائي من المعتزلة، وإليه مال كلام الحاكم أبي عبد الله في كتابه المسمى بعلوم الحديث حيث قال، الصحيح أن يرويه الصحابي الزائل عنه اسم الجهالة بأن يكون له راويان، ممن يتداوله أهل الحديث إلى وقتنا كالشهادة على الشهادة ". (1) وصرح القاضي أبو بكر بن العربي في شرح البخاري بأن ذلك شرط البخاري (2) و اعترض على ذلك بأن رواية اثنين عن اثنين إلى أن ينتهي مما لا يوجد أصلا.