ثم العجب من بعض العامة حيث قال: " المقبول ينقسم أيضا إلى معمول به وغير معمول به؛ لأنه إن سلم من المعارضة فهو المحكم، وإن عورض فلا يخلو إما أن يكون معارضه مقبولا مثله أو يكون مردودا. فالثاني لا أثر له؛ لأن القوي لا يؤثر فيه مخالفة الضعيف، وإن كانت المعارضة بمثله فلا يخلو إما أن يمكن الجمع بين مدلوليهما بغير تعسف أو لا، فإن أمكن الجمع فهو النوع المسمى بمختلف الحديث ". (1) ووجه الغرابة ظاهر، اللهم إلا أن يكون هذا اصطلاحا منهم فهذا أيضا كما ترى؛ لأنه لم يعهد من أحد غيره منهم أن يصرح بذلك مع أنه قد قدم في كلامه أن المقبول مما يجب العمل به، فتأمل.
ومنها: المعلل.
ويسمونه المعلول أيضا وهو لحن، وقد أذعن جماعة بأن هذا من أغمض أنواع علوم الحديث وأدقها، ولا يقوم به ولا يتمكن منه إلا أهل الحفظ والخبرة والفهم الثاقب ومن له معرفة تامة بمعرفة مراتب الرواة وطبقاتهم وملكة قوية بالأسانيد و المتون، ولهذا لم يتكلم فيه إلا القليل من أهل هذا الشأن. (2) وقال البعض: " إن هذا أجل علوم الحديث وأشرفها وأدقها، بل كاد أن يكون علمنا بذلك كهانة عند غيرنا "، وقيل: " إن منفعة هذا الفن كمنفعة سوفسطيقا في علم البرهان و [في] طريق الجدل ". (3) وكيف كان؛ فإن العلة عبارة عن سبب خفي غامض قادح مع أن الظاهر السلامة منه، فالحديث المعلل هو الذي قد اطلع فيه على ما يقدح في صحته وجواز العمل به مع أن ظاهره السلامة عن ذلك.
والعلة قد تكون في السند وقد تكون في المتن، فالتي في السند هي ما يتطرق إلى