رسائل في دراية الحديث - أبو الفضل حافظيان البابلي - ج ٢ - الصفحة ١٠٦
أعلمه " حتى التفت إلى الأول فقال: " حديثك الأول أوردته كذا وإنما هو كذا " حتى أتى على المائة فرد كل سند إلى متنه، فاذعنوا له بالفضل. (1) وقال بعضهم: " إنه حكى لي شيخنا ابن كثير قال: أتى صاحب الحافظ محمد بن عبد الهادي إلى شيخنا الحافظ المزي، فقال له: انتخبت من روايتك أربعين حديثا أريد قراءتها عليك، فقرأ الحديث الأول، وكان الشيخ متكئا فجلس، فلما أتى على الثاني تبسم الشيخ وقال: ما هو أنا، ذلك البخاري. قال لي شيخنا: وكان هذا عندنا أحسن من رد كل حديث إلى سنده وقد جعلوا هذا النوع من المقلوب وعندي بالمركب أشبه، و لا مشاحة في اصطلاح. (2) أقول: ان جما غفيرا من أهل هذه الصناعة لم يذكروا المركب أصلا، وإن الأجلة منا قد عد ما في قضية البخاري من باب المقلوب. (3) ومنها: المنقلب، وهو الذي يكون على وجه فينقلب بعض لفظه على الراوي فيتغير معناه وربما العكس، كالحديث الذي رواه البخاري في آخر كتابه " اختصمت الجنة والنار إلى ربهما " الحديث. (4) وفيه: وأنه ينشئ للنار خلقا (5) انقلب على بعض الرواة وصوابه - كما رواه في مواضع أخرى -: " وأما الجنة فينشئ الله لها خلقا " فسبق لفظ الراوي من الجنة إلى النار.
ومنه حديث: " إن ابن مكتوم يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان بلال " (6)

١. مقدمة ابن الصلاح: ٨١، تدريب الراوي: ٢٦٠.
٢. لم نعثر على قائله.
٣. الرعاية في علم الدراية: ١٥٠.
٤. صحيح البخاري ٨: ١٨٦ باب ما جاء في دعاء النبي (صلى الله عليه وآله) أمته إلى توحيد الله.
٥. نفس المصدر.
٦. لم يوجد حديث بهذا المضمون في جوامع العامة بل هو موجود في جوامع الشيعة الإمامية. انظر: الفقيه ١: ٢٩٧، ح ٩٠٦ باب الأذان والإقامة؛ وسائل الشيعة ٥: ٣٨٩، ح 6878 و 10: 112، ح 12989.
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»
الفهرست