وابن الصهاك الحبشية، (1) فحينئذ لا يدخل في حد الغرابة أصلا.
ومنها: غريب الحديث - أي الغريب لفظا أو فقها، لا متنا وإسنادا - فهو ما اشتمل متنه على لفظه غامضة بعيدة عن الفهم لقلة شيوعه في الاستعمال، فهذا فن مهم شريف خطير والخوض فيه صعب، فيجب أن يكون الخائض عزيز البضاعة، عريض التتبع في فنون الأخبار وغيرها، وكان السلف يتثبتون فيه أشد تثبت، ولأجل ذلك قد أكثر العلماء التصنيف فيه.
قيل: أول من صنف فيه النضر بن شميل، وقيل: أبو عبيدة معمر بن المثنى (2) تلميذ أبان بن عثمان من أصحاب الصادق والكاظم (عليهما السلام)، وقد صنف بعدهما أبو عبيدة فاستقصى وأجاد، ثم ابن قتيبة ما فات أبا عبيد، ثم الخطابي ما فاتهما، فهذه أمهاته ثم بعدها كتب كثيرة فيها زوائد وفوائد كثيرة، ولا يقلد منها إلا ما كان مصنفوها حذقة أجلة، وأجود تفسيره ما جاء في رواية، وممن تصدى لذلك ابن الأثير في النهاية، و الزمخشري في الفائق، والهروي في غريبي القرآن والحديث.
وكيف كان فإن ذلك كما يوجد في الأدعية والخطب وأحاديث الاعتقادات و نحو ذلك. فكذا يوجد في الأخبار المتضمنة للأحكام الفرعية.
وبالجملة: فإن التحري والتثبت مما يجب على الخائض فيه، ولو كان شعلة الذكاء ووارث محاسن العلماء.
قيل: سئل أحمد بن حنبل عن حرف من غريب الحديث، قال: " سلوا أصحاب الغريب؛ فإني أكره أن أتكلم في قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالظن ". (3) ومنها: الشاذ.