ومنها: في (باب ما يجب [به] التعزير والحد) (1): قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله:
جاء هذا الحديث هكذا في رواية وهب بن وهب، وهو ضعيف، والذي أفتي به وأعتمده في هذا المعنى ما رواه الحسن بن محبوب عن العلاء... إلى آخره.
وأنت إذا لاحظت ما ذكره الصدوق في أول كتابه من قوله: " بل قصدت إلى إيراد ما أفتي به، وأحكم بصحته " ظهر لك أن هذه الأحاديث التي ذكرنا [ها] في كل واحد من المواضع المذكورة ليست من جملة ما حكم بصحته وأفتى به، فإذا كان حال [كلام] الصدوق هذا - بل صرح في أكثر تلك المواضع بضعف هذه الأخبار وعدم اعتبارها - [ف] كيف يدعي معظم الأخباريين بأن جميع الأخبار المذكورة في الفقيه تكون قطعية الصدور عند الصدوق؟ هذا حال كلام الصدوق رحمه الله.
وكذا عدة مواضع من كتاب الكافي والتهذيب والاستبصار خصوصا كلام الشيخ في الأخير، حيث عددنا المواضع التي صرح بضعف سند الأخبار المذكورة فيها فبلغت عشرين موضعا لا يعتمد على السند المذكور فيها، بل صرح بأنا لا نعمل بمفادها، ولم نذكرها لئلا تطول الرسالة، فمن تتبع في مواضع [من] تلك الكتب علم أن ما ذكرناه مطابق للواقع، و [أن] ما ادعاه هؤلاء الأجلة لا يكون له محمل صحيح إلا الغفلة والمسامحة - كما لا يخفى على من له أدنى بصيرة - فتبصر.
وثالثا: لو سلمنا أن كلمات المشايخ - في أوائل كتبهم الأربعة - صدرت منهم في مقام شهادتهم بصحة أحاديث كتبهم الأربعة - على خلاف ما هو الظاهر منهم كالشمس في وسط السماء؛ من بيان اعتقاداتهم الاجتهادية الحاصلة بعد صرف عمرهم في المدة المديدة؛ من كمال بذل جهدهم وسعيهم في فهم ما ذكروه في ديباجة كتبهم - فنقول: إن مجرد شهادتهم بصحة تلك الأخبار كيف يحصل [به] القطع بصدورها عن أهل بيت العصمة من المعصومين (عليهم السلام).
بل الصحيح - عند القدماء من الأصحاب - يطلق على كل حديث يكون اعتمادهم