مضافا إلى ما أشرنا إليه سابقا [من] أنا لم نجد راويا جليل القدر خاليا عن طعن، إلا من كانت عدالته من الضروريات؛ كسلمان ومن يحذو حذوه، ولا يوجد في جميع سلسلة سند حديث [أن] يكون الراوي في جميع السلسة مثله رضي الله عنه.
ومع ذلك - بعد ملاحظة تصريحات أركان الدين بوجود الكاذبين في جملة أصحابهم؛ بقولهم (عليهم السلام): " ما من رجل منا [إلا] كان له رجل يكذب عليه " وكذا قوله (عليه السلام) في قريب معناه: في أخبارنا كاذب، فيسقط صدقنا عند الناس بكذبه، (1) وقول أبي عبد الله (عليه السلام) في رواية هشام بن الحكم: " فلان - يعني المغيرة بن سعيد - دس على أبي " (2) وقول أبي الحسن الرضا (عليه السلام) في محمد بن مقلاس (أو مقلاص؛ على الخلاف، وهو أبو زينب، ويكنى بأبي الخطاب أيضا): يدس على أبينا، وأمثال ذلك من الأخبار كثير - فحينئذ نقول:
هذه [الأخبار] - على مقالة الفاضل - تكون قطعية، فيلزم من اعتبارها عدم اعتبار سائر الأخبار، لاشتباه الموضوع فيها، فإن كان صدورها [قطعيا] فهو مخالف لما كان مبنى قوله، فتدبر.
على أن جل الأصحاب - لو لم نقل كلهم - أعرضوا عن الطريقة المزبورة التي تمسك بها الأخباري.
فبعد ملاحظة إعراض الأصحاب يصير ما ذكره من الاقتضاء بدويا، كما ذكر أستاذ الكل في شرح الدروس: أنه كلما دلت الأدلة الدالة على وجوب عين صلاة الجمعة يحصل لنا كون التخيير راجحا، لأن عدالتهم تمنع من الإفتاء بغير مدرك وارد على عين صلاة الجمعة.
فاللازم على العامل أن يعمل بسند الحديث، بأن يلاحظ سلوك المتقدمين،