- على ما عرفوه - بذاته محتمل للصدق والكذب، فحصول الظن وإيراثه - من بعد ملاحظة القرائن الداخلية والخارجية؛ من كون الراوي ثقة، أو كاذبا، أو غير ذلك - من الأمور المذكورة في أحوال المخبر، الخارجة عن نفس الخبر.
فالعقل السليم حاكم بوجوب المراجعة إلى علم يتكفل بأحوال الرواة، وهو ليس إلا علم الرجال.
والرابع: قد ثبت بالتسامع والتظافر أن من الرواة من هو كذاب ووضاع - كما سيجيئ بيانه مستوفى - فقبل معرفة حال السند - هل أنه ثقة حتى تطمئن النفس بخبره، أم غير ثقة حتى لا يعتمد عليه - يتزلزل في صدوره عن المعصوم (عليه السلام) قبل الفحص والبحث عن حال المخبر، ومع حصول التزلزل فنسبة الخبر إلى المعصوم (عليه السلام) قبيحة، والعمل به كذلك، لعدم الاطمئنان الموجب لتحقق المعرفة، فلا بد من العلم أو الظن بمعرفة وثاقة المخبر وعدمها، وهو لا يعلم إلا بعلم الرجال.
والخامس: أن الخروج من التكليف لا يتحقق إلا أن يأخذه بالمدارك، بعد الفحص عن سند الحديث ومتنه ودلالته، ومحل الفحص عن الأولين لا يكون إلا في علم الرجال، وبيانه واضح.
والسادس: أن بناء العلماء الأعلام، والأكابر والأعيان [على] اهتمامهم بشأن الرجال وأحوالهم، حتى جعلوه فنا برأسه، وصنفوا فيه مصنفات عديدة، ومؤلفات كثيرة، فلو لم يكن علم الرجال محتاجا إليه للزم كون مشاقهم لغوا، وسعيهم عبثا، لكن اللازم باطل فالملزوم مثله.
فإن قلت: لو كان التمييز بين الصحيح والضعيف من الأخبار لازما؛ للزم التجسس والتفتيش عن سيرة المسلمين، مع ورود النهي عنهما، بل اللازم من القاعدة المستحسنة ستر ما يوجب التفضيح والفضاحة - في الأغلب - بلا شبهة.
قلت:
أولا: القاعدة المذكورة وإن اقتضت ستر العيوب، إلا أن الإجماع القطعي صار