بيان ذلك: أن الأصول من الاستصحاب والبراءة الأصلية والأصول العدمية لا تفيد العلم، لأنها ساكتة عن الواقع، فانحصر أن تستفاد مرادات الشارع في الأربعة. (1) أما الكتاب: - [ف] مع كونه ظني الدلالة، لاشتماله على الخاص والعام، والمطلق والمقيد، والناسخ والمنسوخ، والحقيقة والمجاز، وأمثال ذلك - فغير ناطق في هذا الباب، إلا خمسمائة آية على سبيل الإجمال - ولو في الإجماعيات والضروريات -.
وأما الإجماع: فليست كل المسائل إجماعية، وإن تحقق - وهو المنقول - بالخبر.
وأما العقل:
فأولا: إدراكه محل كلام.
وثانيا: حجيته فيما يستقل به من المدح أو الذم، فليس كافيا.
وأما الأخبار: فالمتواتر اللفظي، أو المعنوي، أو هما معا، والخبر المحفوف بقرينة صدق الصدور، أو المضمون، أو هما معا؛ فوجود تلك الأقسام الستة في الشريعة كالكبريت الأحمر.
فانحصر الأمر في خبر الواحد العاري عن القرينتين، أعني الصدورية والمضمونية، والأخبار المودعة في الكتب الأربعة جلها - لو لم نقل كلها - من هذا القبيل.
ولا شك أن الخبر الذي لا محيص عن العمل به - من حيث هو خبر - مما يحتمل الصدق والكذب - كما هو المقرر - فترجيح أحد الاحتمالين على الآخر والحكم به موقوف على مرجح، لقبح الترجيح بلا مرجح عقلا، وهو في المقام إما علمي أو ظني، وكل منهما إما داخلي أو خارجي.
فالأول من الأول كالخبر المتواتر، والثاني منه كالخبر المحفوف بالقرينة القطعية، والأول من الثاني كوثاقة الراوي، والثاني منه كاحتفافه بالقرينة الظنية؛ كاعتضاد بعض الخبر ببعض آخر، وكاعتضاده بالشهرة أو السيرة [و] كموافقته للكتاب، ومخالفة العامة [وغيرها] من الأمور التي سنذكر بعضها في المقامات الآتية.