في دار المقامة التي لا تزول ومحل كرامته التي لا تحول والحمد لله الذي اختار لنا محاسن الخلق واجرى علينا طيبات الرزق وجعل لنا الفضيلة بالملكة على جميع الخلق فكل خليقته منقادة لنا بقدرته وصائرة إلى طاعتنا بعزته والحمد لله الذي أغلق عنا باب الحاجة الا إليه فكيف نطيق حمده أم متى نؤدي شكره لا متى والحمد لله الذي ركب فينا آلات البسط وجعل لنا أدوات القبض ومتعنا بأرواح الحيوة وأثبت فينا جوارح الأعمال وغذانا بطيبات الرزق وأغنانا بفضله وأقنانا بمنه ثم أمرنا ليختبر طاعتنا ونهانا ليبتلى شكرنا فخالفنا عن طريق أمره وركبنا متون زجره فلم يبتدرنا بعقوبته ولم يعاجلنا بنقمته بل تأنا برحمته تكرما وانتظر مراجعتنا برأفته حلما والحمد لله الذي دلنا على التوبة التي لم نفذها إلا من فضله فلو لم نعتدد من فضله الا بها لقد حسن بلاؤه عندنا وجل احسانه إلينا وجسم فضله علينا فما هكذا كانت سنته في التوبة لمن كان قبلنا لقد وضع عنا ما لا طاقة لنا به ولم يكلفنا الا وسعا ولم يجشمنا إلا يسرا ولم يدع لأحد
(٢١٩)