الإمام لجميع المناصب الشرعية لما صحت منه الأحكام المذكورة قطعا، وقد علمت بجميع ذلك في المقدمة الثانية.
والمراد بالفقيه: هو الجامع لشرائط الفتوى المعبر عنه بالمجتهد، عبارة يتوهم سامعها لقلة لفظها سهولة معناها، وإنما أوقعه في هذا الغلط شدة الانحطاط عن مرتبتها (1)، وسنذكر تلك الشرائط عما قريب إن شاء الله تعالى.
ولا ريب أن من تأمل هذا الكلام وفهم معناه علم من سوقه أن اشتراط الجمعة حال الغيبة أمر محقق مفروغ منه، كاشتراطها بالإمام أو منصوبه الخاص حال ظهوره على وجه لا يتخالج خواطر ذوي الألباب فيه الشك.
وقريب مما ذكره في المختلف كلام شيخنا في شرح الارشاد، فإنه قال في حكاية دليل المخالف على عدم الشرعية: لأن الشرط الإمام أو نائبه، والمشروط عدم عند عدم الشرط. أما الصغرى فلرواية محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام:
" تجب الجمعة على سبعة نفر، ولا تجب على أقل منهم: الإمام، وقاضيه " (2) ثم.
ساق الحديث إلى آخره، قال: وأما الكبرى فلما تقرر في الأصول. ويشكل بأنه نفي الوجوب، ولا يلزم منه نفي الجواز المتنازع، ثم نقول: الفقيه منصوب من قبل الإمام لوجوب الترافع إليه (3). هذا كلامه.
أما الاشكال الذي أبداه فغير متجه، لأن نفي الوجوب وإن لم يستلزم نفي الجواز بنفسه إلا أنه يلزم بوجه آخر وهو انتفاء مثبته، نعم جوابه الثاني - أعني القول بالموجب - صحيح في موضعه، فإن الشرط حاصل، لأن الشرط هو الإمام أو منصوبه اتفاقا.