الثالثة: ما يؤخذ من هذه الأراضي إما مقاسمة بالحصة، أو ضريبة تسمى الخراج، يصرف لمن له رقبة تلك الأرض، فما كان من المفتوح عنوة فمصرفه للمسلمين قاطبة. وكذا ما يؤخذ من أرض الصلح - أعني الجزية - وما يؤخذ مما أسلم أهلها عليها إذا تركوا عمارتها على ما سبق، وما كان من أرض الأنفال فهو للإمام عليه السلام، وسيأتي تفصيل ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى.
المقدمة الثانية في حكم المفتوح عنوة أعني المأخوذة بالسيف قهرا، لأن فيه معنى الإذلال، ومنه قوله تعالى " وعنت الوجوه للحي القيوم " (1) أي ذلت، وفيه مسائل:
الأولى: قد قدمنا أن هذه الأرض للمسلمين قاطبة، لا يختص بها المقاتلة، لكن إذا كانت محياة وقت الفتح فلا يصح بيعها والحالة هذه، ولا وقفها ولا هبتها، بل يصرف الإمام حاصلها في مصالح المسلمين، مثل سد الثغور، ومعونة الغزاة وبناء القناطر. ويخرج منها أرزاق القضاة والولاة وصاحب الديوان، وغير ذلك من مصالح المسلمين، ذهب إلى ذلك أصحابنا كافة.
قال الشيخ في المبسوط عندما ذكر هذا القسم من الأرضين: ويكون للإمام النظر فيها وتقبيلها وتضمينها بما شاء، ويأخذ ارتفاعها ويصرفه في مصالح المسلمين وما ينوبهم من سد الثغور، ومعونة المجاهدين، وبناء القناطر، وغير ذلك من المصالح.
وليس للغانمين في هذه الأرض شئ خصوصا، بل هم والمسلمين فيه سواء ولا يصح بيع شئ من هذه الأرض، ولا هبته، ولا معاوضته، ولا تمليكه، ولا وقفه