قلنا: معلوم أن التحريم أمر زائد على أصل الذات، والمانع له يكتفي في المنع برده وإن لم يصرح بدعوى الإباحة، وحينئذ فالإباحة ثابتة بطريق اللزوم.
والتحقيق أن يقال: إن أردت بالإباحة: الإذن الصريح المسوغ لذلك، فمسلم توجه المطالبة عليه، ونحن لا ندعيه، فإن مطلوبنا غير متوقف عليه. وإن أردت الإباحة المستفادة من الأصل المقرر المذكور سابقا، فهو مدعانا، ولا نسلم توجه المطالبة حينئذ.
فإن قيل: الأصل حجة مع عدم الدليل الناقل وقد وجد هاهنا، فإن الروايات التي سنذكرها تدل على التحريم.
قلنا: أما الروايات فسيأتي الكلام عليها في الموضع اللائق بها، ونبين أن لا حجة فيها، ولا دلالة بوجه من الوجوه، وتتبع ذلك بها وجدناه من كلام الفقهاء الدال على المراد.
الثاني: عموم آيات الكتاب العزيز الدالة على الإباحة مطلقا، مثل قوله تعالى: " فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع " (1)، فإنها بعمومها تتناول محل النزاع، فإن ما من أدوات العموم.
وكذا قوله تعالى: " وأنكحوا الأيامى منكم " (2) والأيامي جمع أيم، وهي التي لا زوج لها، بكرا كانت أو ثيبا، والجمع المعرف باللام للعموم، فيشمل محل النزاع.
وغير ذلك من عمومات الكتاب والسنة الدالة على التزويج من غير تعيين، فإنها بعمومها تتناول محل النزاع، وهي كثيرة جدا، بل لا تحصى، وظاهر