أجزم بفساد تلك النسبة. والسر في ذلك تصرف الطلبة الذي تعز سلامته من الزيادة والنقصان، أو الخطأ وسوء الفهم. وما هذا شأنه كيف يجوز أن يجعل قولا لأحد من المعتبرين، أو يجترأ به على مخالفة الاجماع، أو ما يكاد يكون إجماعا ومخالفة ظاهر الكتاب والسنة والأدلة الجلية الصريحة، ويجزم لأجله بتحريم ما هو معلوم الحل، ويقطع به عقد النكاح، وتحل زوجة الرجل بسببه لمن سواه، ويحكم بسقوط أحكام الزوجية الثانية شرعا بغير شبهة، أن هذا أمر عظيم وبلاء مبين.
الخامس: الاستصحاب، وهو من وجوه:
أ: استصحاب الحال، فإن الزوجة حل قبل الرضاع المذكور، والأصل بقاء ما كان على ما كان إلى أن يثبت الناقل عن حكم الأصل الثابت، ولم يوجد.
ومن ادعى شيئا فعليه البيان، وما يمكن أن يتعلق به الخصم من الأخبار بأضعف سبب سنبين ما فيه مستوفا إن شاء الله تعالى.
ب: استصحاب الاجماع إلى موضع النزاع، فإن المرأة قبل الرضاع المذكور حلال إجماعا، فكذا بعده، عملا بالاستصحاب، وهذان النوعان من الاستصحاب حجة كما بين في موضعه.
ج: إن حقوق الزوجية ثابتة قبل الرضاع المذكور من الطرفين فكذا بعده، لما تقدم من الاستصحاب، فنفيها يحتاج إلى دليل.
السادس: الاحتياط، فإن الفروج مبنية على الاحتياط التام، ولا ريب أن حل المرأة لغير من هي زوجة له بمجرد الرضاع المذكور قول مجانب للاحتياط، بل للتدين، وفيه من الاجتراء على الله، ومخالفة لإرشاد السنة المطهرة ما هو بين جلي.
فإن قيل: بقاء المرأة المذكورة على حكم النكاح مع بعلها أيضا مخالفا للاحتياط فيعارض الاحتياط بمثله.