وإنما أوردنا الكلام كما ترى ليتضح أن المراد ما ذكرناه، وما ذكره المقداد رحمه الله من البناء غير مستقيم، لأن حضور الإمام عليه السلام إذا أريد به ظهوره توسعا، وتجوزا إذا أريد حضوره أو حضور نائبه الخاص اكتفاء لوضوحه، وأريد بالوجوب المشروط على الشق الثاني الوجوب الحتمي لم يخرج عن كلام الشهيد.
إلا أن قوله: وهو أولى، لأن الفقيه إلى آخره خال من الربط، إذا لا يلزم من نفوذ الأحكام الفقهية إلى آخره كون الأولى اشتراط الوجوب بحضور الإمام دون صحة الجمعة.
ولو قيل في البناء: شرط الجمعة: أما إذن الإمام عليه السلام على وجه خاص، أو مطلقا، فعلى الأول يتخرج المنع، وعلى الثاني الجواز، وكما دل الدليل على اعتبار الإذن في الجملة حيث يتعذر الإذن الخاص، كان الأصح من القولين الجواز فكان أجود.
وإنما قلنا ذلك، لأن اشتراط الجمعة بالإمام أو نائبه إجماعي كما عرفت، ومع ظهوره عليه السلام وتمكنه لا بد من الاستنابة صريح الاجماع.
تنبيه:
قد علم مما قدمناه أنه ليس المراد بجواز الجمعة حال الغيبة أو استحبابها إيقاعها كذلك، لامتناعه من وجوه، فإن الإباحة لا تنتظم مع العبادة، وإرادتها مع ذلك إرادة الاستحباب باطل، لعدم دليل يدل على واحد منهما، والبدلية على كلا (1) التقديرين متعذرة، والجمع بين الجمعة والظهر استقلال غير مشروع اتفاقا، فلم يبق إلا إرادة الجواز بمعنى السائغ، وهو جنس للوجوب كما عرفت، أو الاستحباب العيني فإنه يجامع الوجوب التخييري كما سبق.
إذا عرفت ذلك فقد قال شيخنا في الذكرى في تحقيق ما يراد بالاستحباب هنا: