المالك.
وقال شيخنا في الدروس كلاما في هذا الباب من أجود كلام المحققين إذا تأمله المنصف الفطن علم أنه يعتقد في الخراج من جملة الأموال الخالية من الشبهة البعيدة عن الأوهام، حيث ذكر الجوائز وجعل ترك قبولها أفضل، وبالغ في أحكام الخراج بما سنحكيه مفصلا، وصورة كلامه:
يجوز شراء ما يأخذه الجائر باسم الخراج والزكاة والمقاسمة وإن لم يكن مستحقا له، ثم قال: ولا يجب رد المقاسمة وشبهها على المالك، ولا يعتبر رضاه ولا يمنع تظلمه مع الشراء. وكذا لو علم أنه يظلم، إلا أن يعلم الظلم بعينه. نعم تكره معاملة الظلمة ولا يحرم، لقول الصادق عليه السلام: " كل شئ فيه حرام وحلال فهو حلال حتى تعرف الحرام بعينه ". ولا فرق بين قبض الجائر إياها ووكيله وبين عدم القبض، فلو أحاله بها وقبل الثلاثة، أو وكله في قبضها، أو باعها وهي في يد المالك أو في ذمته جاز التناول، ويحرم على المالك المنع وكما يجوز الشراء تجوز سائر المعاوضات والهبة والصدقة والوقف، ولا يحل تناولها بغير ذلك (1).
والمقداد رحمه الله في التنقيح شرح النافع أخذ حاصل هذا الكلام وأورده بصورة الشرح مطولا (2)، ولم يحضرني في وقت نقل كلام الأصحاب سوى هذا المقدار من الكتب فما نقل كلام الباقين لكن فيما أوردناه غنية وبلاغ لأولي الألباب. فإن كلام الباقين لا يخرج عن كلام من حكينا كلامهم إذ لو كان فيهم مخالف لحكاه من عثرنا عن مصنفاتهم واطلعنا من مذاهبهم لما علمنا من شدة حرصهم على ايراد خلاف الفقهاء وإن كان ضعيفا، والإشارة إلى القول الشاذ وإن كان واهيا فيكون الحكم ذلك إجماعيا.