وأما الموات فإنها في حال الغيبة مملوكة للمحيي، ومع وجود الإمام لا يجوز التصرف فيها إلا بإذنه، مع أن الحمل لا ينافي ما قررته من مختار ابن إدريس، لأن مراده بأرض العراق المعمورة المحياة التي فيها لا يجوز بيعها ولا هبتها، لأنها أرض الخراج. نعم يمكن حمل كلام الشيخ رحمه الله على حال وجود الإمام وظهوره، لا مطلقا.
الثاني: نفوذ هذه التصرفات التي ذكرناها إنما هو في غيبة الإمام، أما في حال ظهوره فلا، لأنه إنما يجوز التصرف فيها بإذنه. وعلى هذا فلا ينفذ شئ من تصرفات المتصرف فيها استقلالا.
وقد أرشد إلى هذا الحكم كلام الشيخ في التهذيب، فإنه أورد على نفسه سؤالا وجوابا، محصلها مع رعاية ألفاظه بحسب الامكان: أنه إن قال قائل: إذا كان الأمر في أموال الناس ما ذكرتم من لزوم الخمس فيها، وكذا الغنائم وكان حكام الأرضين ما بينهم من وجوب اختصاص التصرف فيها بالأئمة عليهم السلام، إما لاختصاصهم بها كالأنفال، أو للزوم التصرف فيها بالتقبيل والتضمين لهم مثل أرض الخراج، فيجب أن لا يحل لكم منكح، ولا يخلص لكم متجر، ولا يسوغ لكم مطعم على وجه من الوجوه.
قيل له: الأمر وإن كان كما ذكرت من اختصاص الأئمة عليهم السلام بالتصرف في هذه الأشياء فإن لنا طريقا إلى الخلاص.
ثم أورد الأحاديث التي وردت بالإذن للشيعة، لاختصاصهم في حقوقهم عليهم السلام حال الغيبة.
ثم قال: إن قال قائل: إن ما ذكرتموه إنما يدل على إباحة التصرف في هذه الأرضين، ولا يدل على صحة تملكها بالشراء والبيع، ومع عدم صحتها لا يصح ما يتفرع عليها.