للشرائط معتبرا حال الغيبة، وهم الذين نقلوا إلينا الاجماع في هذه المسألة وغيرها ومعتمدنا في الأدلة النقلية إنما هو نقلهم، ولا ريب أنهم أعرف بموقع الاجماع وأعلم بما نقلوه، فلو كان الاجماع واقعا على خلاف المدعى لكانوا أحق بمتابعته وأبعد عن مخالفته.
ويحقق ما قلناه ما ذكره علم المتقدمين وعلامة المتأخرين في المختلف لما ذكر احتجاج المخالف بوجهين: أحدهما: إن من شرط انعقاد الجمعة الإمام أو من نصبه، وبانتفاء الشرط ينتفي المشروط قطعا إلى آخر احتجاجهم قال: والجواب عن الأول بمنع الاجماع على خلاف صورة النزاع، وأيضا فإنا نقول بموجبه، لأن الفقيه المأمون منصوب من قبل الإمام، ولهذا تمضي أحكامه وتجب مساعدته على إقامة الحدود والقضاء بين الناس (1).
هذا كلامه، وحاصله: إنه أجاب عن دليل الخصم - أن الاشتراط المذكور ثابت إجماعا، وهو يقتضي عدم المشروعية في الغيبة - بجوابين:
أحدهما: إنا نمنع ثبوت الاجماع على عدم مشروعية الجمعة حال الغيبة.
وقد بينا الدليل الدال على المشروعية حينئذ فيجب العمل به، لعدم المنافي، والاشتراط المذكور إن ادعي على وجه ينافي فعلها حال الغيبة منعناه، وإلا لم يضرنا.
الثاني: القول بالموجب، وهو بفتح الجيم معناه: تسليم الدليل مع بقاء، النزاع، وحاصله: الاعتراف بصحة الدليل على وجه لا يلزم منه تسليم المتنازع فيه.
وتقريره: أن اشتراط الجمعة بالإمام أو من نصبه حق، ولا يلزم عدم صحتها حال الغيبة، لأن الشرط حينئذ حاصل، فإن الفقيه المأمون منصوب من قبل الإمام ولهذا تمضي أحكامه، ويقيم الحدود، ويقضي بين الناس، وهذه الأحكام مشروطة بالإمام أو من نصبه قطعا بغير خلاف، فلو لا أن الفقيه المذكور منصوب من قبل