القياس صادق عليه، عرف بأنه تعدية الحكم من الأصل إلى الفرع بعلة متحدة فيهما. والأصل في ما ذكره هو أخت الولد من الرضاع، والفرع هو جدة الولد من الرضاع، والحكم المطلوب تعديته هو التحريم الثابت في الأصول بالنص، وما يظن كونه علة التحريم هو كون أخت الولد من الرضاع في موضع من يحرم من النسب، أعني البنت النسبية.
وهذا بعينه قائم في جدة الولد من الرضاع فإنها في موضع جدته من النسب بل ما ذكره أسوء حالا من القياس، لأنك قد عرفت أن القياس تعدية الحكم من جزئي إلى آخر، لاشتراكهما في ما يظن كونه علة للحكم، وهو رحمه الله قد حاول تعدية الحكم من الجزئي إلى الكلي، ونبه على العلة وثبوتها في الفرع أول كلامه وأغرب في عبارته فسمى ذلك تنبيها على الحكم ونفى عنه اسم القياس، وذلك لا يحصنه من الايراد والاعتراض، ولا يلتبس على الناظر المتأمل كونه قياسا.
الثانية: أولاد الفحل ولادة ورضاعا هل يحرم على أب المرتضع أم لا؟
الخلاف هنا كالخلاف في ما سبق، غير أن التحريم هنا راجع عملا بظاهر دلالة النصوص السالفة، ولا محذر في استثناء هذه المسألة من قاعدة عدم التحريم في الرضاع بالمصاهرة لاختصاصها بالنص.
فإن قيل: النصوص السالفة دلت على تحريم أولاد المرضعة، وهو يقتضي شيئين:
أحدهما: عدم الاشعار بتحريم أولاد الفحل من غيرها فكيف عممتم التحريم؟
والثاني: تحريم أولادها من الرضاعة وإن كان بلبن فحل آخر، لعموم صدق أولادها عليهم وأنتم لا تقولون به.
قلنا: أما الأمر الأول فصحيح بالنسبة إلى الروايتين الأخيرتين، وأما بالنسبة إلى الأول فلا، لأنها مصرحة بتحريم أولاد الفحل، فإن أول السؤال معنون به، ولا يضر التعبير بالزوج، فإنه وإن كان أعم من الفحل إلا أن الأصحاب مطبقون على