بل لا ينفك عنها إلا القليل النادر، وقد استقر في النفوس قبوله وعدم النفر منه، مع أن ما اعتمدته في ذلك أولى بالبعد عن الشبهة وأحرى بسلوك جادة الشريعة.
ولم أودع في هذه الرسالة من الفتوى إلا ما اعتقدت صحته، وأقدمت على لقاء الله به، مع علمي بأن من خلا قلبه من الهوى وبصر بصيرته من الغوى، وراقب الله تعالى في سريرته وعلانيته، لا يجد بدا من الاعتراف به والحكم بصحته، وسميتها ب " قاطعة اللجاج في تحقيق حل الخراج " ورتبتها على مقدمات خمس، ومقالة، وخاتمة، وسألت الله أن يلهمني إصابة الحق ويجنبني القول بالهوى، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
المقدمة الأولى في أقسام الأرضين وهي في الأصل على قسمين:
أحدهما:
أرض بلاد الاسلام، وهي على قسمين أيضا: عامر، وموات. فالعامر ملك لأهله، لا يجوز التصرف فيه إلا بإذن ملاكه والموات إن لم يجر عليه ملك مسلم فهو لإمام المسلمين يفعل به ما يشاء، وليس هذا القسم من محل البحث المقصود القسم الثاني:
ما ليس كذلك وهو أربعة أقسام:
أحدها: ما يملك بالاستغنام ويؤخذ بالسيف، وهو المسمى بالمفتوح عنوة.
وهذه الأرض للمسلمين قاطبة، لا يختص بها المقاتلة عند أصحابنا كافة، خلافا لبعض العامة. ولا يفضلون فيها على غيرهم، ولا يتخير الإمام بين قسمتها ووقفها وتقرير أهلها عليها بالخراج، بل يقبلها الإمام لمن يقوم بعمارتها بما يراه من النصف،