مستحبة كما عرفته، فلا بد من حمل الوجوب المنفي على ما ذكرناه.
وقوله: لانتفاء الشرط وهو ظهور الإذن من الإمام عليه السلام مراده به: الإذن الخاص، لأن الفقيه مأذون له على وجه العموم، وهو قد فرض المسألة من أولها في أنه هل للفقهاء فعلها أم لا، فلو لم يرد بالإذن ما قلناه لتدافع كلامه.
ومراده بالفقهاء أن كل واحد منهم هل له أن يجمع بجماعة استقلالا أم لا؟
كما هو ظاهر، ومن نظر إلى تصويره المسألة بعين التحقيق علم أن اعتبار الفقيه في الجمعة ليس موضع كلام، إنما الكلام في أنها هل تشرع معه أم لا.
وقريب من هذه العبارة عبارة شيخنا في الدروس فإنه قال فيها: تجب صلاة الجمعة ركعتين بدلا عن الظهر بشرط الإمام أو نائبه، وفي الغيبة يجمع الفقهاء مع الأمن وتجزئ عن الظهر على الأصح (1).
إذا عرفت ذلك فاعلم أنه لو كان اشتراط الجمعة بالفقيه حال الغيبة موضع خلاف الأصحاب، مع ما تلوناه من الدلائل، وما حكيناه من عبارات كبراء الأصحاب المصرحة بالاشتراط، لكان اللازم بحكم الدليل الانقياد إلى ما قالوه والمصير إلى ما نقلوه، فكيف ولا نعلم أن أحدا من العلماء الإمامية في عصر من الأعصار صرح بكون الجمعة في حال الغيبة واجبة حتما مطلقا أو تخييرا بدون حضور الفقيه، فالاجتراء على المخالفة في واحد من الأمرين عنوان الجرأة على الله سبحانه، وعدم التحرج من القول عليه، وآية الجهل الصرف في سلوك مناهج الشريعة المصطفوية المطهرة أعاذنا الله من ذلك بمنه وكرمه.
وقديما آنست من بعض الفضلاء أن عبارة الذكرى تدل على أن الفقيه المذكور ليس شرطا لمشروعية الجمعة الغيبة، فرددت ذلك وأعلمته أنه خلاف الاجماع، والعبارة لا تقتضي ما ذكره، ونحن نذكر العبارة ونحقق ما فيها بعون الله تعالى.