الحرمة، بل المعتبر فيها إما كونها ربيبة، وإما كونها بنتا، وأي جهة من هاتين الجهتين لو وجدت كانت محرمة.
وتوضيحه: أن أخت الابن إذا كانت بنتا يكون لها جهتان: جهة الأختية للابن، وجهة البنتية لك، ولا شك في تغايرهما، والنص دل على الحرمة من جهة البنتية لا من جهة الأختية للابن.
وكذا إذا كانت ربيبة كان لها جهتان: الأختية للابن، وكونها ربيبة. وجهة الحرمة منها ليست إلا كونها ربيبة، على أن جهة الحرمة بحسب المصاهرة لا بحسب النسب، فلا يصح الاستثناء من جهة حرمة النسب (1).
هذا كلامه، وأنت إذا تأملت هذا الكلام وجدته شارحا للمراد، وافيا ببيان ما نحن بصدد بيانه.
وقد وقع إلي تحقيق كتبته قديما على بعض هذه المسائل، وهي: امرأة الرجل إذا رضعت ابن أخيها هل تحرم عليه، لأنها صارت عمة ولده، فهي بمنزلة أخته أم لا؟
وحاصل ما كتبته في الجواب: أن العمومة من طرف الأخ في النسب، لا من طرف الفحل، أعني صاحب اللبن، فإن صاحب اللبن لا قرابة بينها وبينه بنسب، وهو ظاهر، ولا رضاع، لعدم ارتضاعهما بلبن فحل واحد، والمقتضي للتحريم في عمة الوالد القرابة بينها وبين أبيه، أعني إخوتها إما بالنسب أو بالرضاع، فإن ثبوت العمومة المذكورة تابع لإخوة الأب، وهي منتفية من طرف الفحل أصلا ورأسا، وثبوتها من طرف الأب لا يقتضي ثبوتها من طرف الآخر قطعا، فينتفي التحريم بينهما، إذ هو فرع القرابة المنتفية. والذي أوقع في الغلط صدق اسم العمومة للولد على المذكورة، مع عدم ملاحظة اختلاف جهتي الفحل والأب النسيب.