المسلك الثاني:
اتفاق الأصحاب على ذلك، وهذه عباراتهم نحكيها شيئا فشيئا من كلامهم بعينه من غير تغيير على حسب ما وقع إلينا من مصنفاتهم في وقت كتابة هذه الرسالة.
فمن ذلك كلام شيخ الطائفة ورئيسها وفقيهها ومعتمدها محمد بن الحسن الطوسي في كتاب المكاسب من كتاب النهاية وهذا لفظه: ولا بأس بشراء الأطعمة وسائر الحبوب والغلات على اختلاف أجناسها من سلاطين الجور وإن علم من أحوالهم أنهم يأخذون ما لا يستحقون ويغصبون ما ليس لهم، ما لم يعلم شيئا من ذلك بعينه غصبا، فإن علم كذلك فلا يتعرض لذلك، فأما ما يأخذونه من الخراج والصدقات وإن كانوا غير مستحقين لها جاز شراؤها منهم (1). هذا كلامه.
وقال المحقق نجم الدين في الشرائع ما هذا لفظه: ما يأخذه السلطان الجائر من الغلات باسم المقاسمة، والأموال باسم الخراج من حق الأرض، ومن الأنعام باسم الزكاة يجوز ابتياعه وقبول هبته، ولا يجب إعادته على أربابه وإن عرف بعينه (2).
وقال العلامة في المنتهى: يجوز للإنسان أن يبتاع ما يأخذه سلطان الجور بشبهة الزكوات من الإبل والبقر والغنم، وما يأخذه عن حق الأرض من الخراج وما يأخذه بشبهة المقاسمة من الغلات وإن كان غير مستحق لأخذ شئ من ذلك، إلا أن يتعين له شئ بانفراده أنه غصب فلا يجوز له أن يبتاعه.
ثم احتج له برواية جميل بن صالح وإسحاق بن عمار وأبي عبيدة السالفات إلى أن قال: إذا ثبت هذا فإنه يجوز ابتياع ما يأخذه من الغلات باسم المقاسمة، أو الأموال باسم الخراج عن حق الأرض، ومن الأنعام باسم الزكاة. وقبول هبته.