ذكر أمكن القدح بوجه آخر، وذلك لأن حكاية الحال في السؤال أعني قوله:
امرأة أرضعت لي صببا فهل يحل لي أن أتزوج ابنة زوجها، تحتمل كون زوجها هو صاحب اللبن وغيره، ومع ذلك فتحمل كون البنت المذكورة منها ومن غيرها وترك الاستفصال في نحو ذلك دليل العموم، فيقتضي تحريم بنت الزوج من غيرها وإن لم يكن الزوج هو صاحب اللبن، وهو باطل بالاجماع.
ومثل هذا بعينه آت من الثانية والثالثة، لأن قوله في السؤال: هل يحل لذلك الرجل أن يتزوج ابنة هذه المرأة، وقوله: هل يجوز لي أن أتزوج بعض ولدها، كما يحتمل أن تكون ابنة المرأة ابنة لصاحب اللبن يحتمل أن تكون ابنة لغيره أيضا. وكما يحتمل كونها ابنة لها من النسب يحتمل كونها ابنة لها من الرضاع، فيقتضي ترك الاستفصال تحريم بنت المرضعة من الرضاع بلبن فحل آخر على أب الصبي، وهو باطل قطعا، ومع ذلك فهما مكاتبتان، وما هذا شأنه كيف يتمسك به، بل كيف يتعدى حكمه إلى غيره قياسا!
وأما المسائل الثلاث التي تكلم فيها الأصحاب:
فالأولى: أم أم المرتضع نسبا أو رضاعا هل تحرم على صاحب اللبن - أعني الفحل - أم لا؟ قولان للأصحاب:
أحدهما: [عدم التحريم]، وبه قال الشيخ في المبسوط (1)، وابن حمزة (2) وابن البراج (3)، والعلامة في التحرير والقواعد والتلخيص (4)، وظاهر عبارته في الارشاد عدم التحريم، لعدم المقتضي له، فإنه ليس إلا كونها جدة ابنه. وذلك لا يصلح دليلا على التحريم، لأن جدة الولد إنما حرمت بالمصاهرة، أعني الدخول