مفهوم الوجوب هو الجواز بالمعنى الأعم كما عرفت، لامتناع ذلك في الأخص، وتقومه بالفصل الذي هو المنع من الترك، فإذا ارتفع ارتفع لاستحالة بقائه منفكا عن فصل.
قيل عليه: نمنع استلزام ارتفاع هذا الفصل ارتفاع الجنس لتقومه بفصل عدم المنع من الترك، لأن ارتفاع المنع من الترك - الذي هو فصل الوجوب - يقتضي ثبوت عدم المنع منه، فيقوم به الجنس لاحتياجه إلى فصل ما، لا إلى فصل معين.
وجوابه: إن ارتفاع المنع من الترك قد يكون برفع كل من الجزأين، وقد يكون برفع الحرج بالترك خاصة. فارتفاعه أعم من كل منهما، ولا دلالة للعام على الخاص، فلم يتحقق فصل عدم الحرج بالترك، وحكم الأصل يقتضي نفيه فينتفي الجواز، وهذا هو الحق.
المقدمة الثانية:
اتفق أصحابنا رضوان الله عليهم على أن الفقيه العدل الإمامي الجامع لشرائط الفتوى، المعبر عنه بالمجتهد في الأحكام الشرعية نائب من قبل أئمة الهدى صلوات الله وسلامه عليهم في حال الغيبة في جميع ما للنيابة فيه مدخل - وربما استثنى الأصحاب القتل والحدود مطلقا - فيجب التحاكم إليه، والانقياد إلى حكمه، وله أن يبيع مال الممتنع من أداء الحق إن احتيج إليه، ويلي أموال الغياب والأطفال والسفهاء والمفلسين، ويتصرف على المحجور عليهم، إلى آخر ما يثبت للحاكم المنصوب من قبل الإمام عليه السلام.