قيل له: قد قسمنا الأرض على ثلاثة أقسام: أرض يسلم أهلها عليها، فهي ملك لهم يتصرفون فيها. وأرض تؤخذ عنوة أو يصالح أهلها عليها فقد أبحنا شراءها وبيعها، لأن لنا في ذلك قسما، لأنها أراضي المسلمين، وهذا القسم أيضا يصح الشراء والبيع فيه على هذا الوجه. وأما الأنفال وما يجري مجراها فليس يصح تملكها بالشراء، وإنما أبيح لنا التصرف حسب.
ثم استدل على حكم أراضي الخراج برواية أبي بردة بن رجا السالفة الدالة على جواز بيع آثار التصرف دون رقبة الأرض (1).
وهذا كلام واضح السبيل، ووجهه من حيث المعنى: أن التصرف في المفتوحة عنوة إنما يكون بإذن الإمام، وقد حصل منهم الإذن لشيعتهم حال الغيبة فيكون آثار تصرفهم محترم بحيث يمكن ترتب البيع ونحوه عليها.
وعبارة شيخنا في الدروس أيضا ترشد إلى ذلك، حيث قال: ولا يجوز التصرف في المفتوحة عنوة إلا بإذن الإمام عليه السلام، سواء كان بالبيع أو بالوقف أو غيرهما، نعم في حال الغيبة ينفذ ذلك. وأطلق في المبسوط أن التصرف فيها لا ينفذ (2)، أي لم يقيده بحال ظهور الإمام أو عدمه. ثم قال: وقال ابن إدريس: إنما يباع ويوقف تحجيرنا وبناؤنا وتصرفنا لا نفس الأرض (3).
ومراده بذلك أن ابن إدريس أيضا أطلق جواز التصرف في مقابل إطلاق الشيخ رحمه الله عدم جوازه. والصواب التقييد بحال الغيبة لينفذ، وعدمه لعدمه، وهذا ظاهر بحمد الله تعالى.