عيال عليهم، وليكن نظرك في عمارة أرضهم وصلاح معاشهم، أشد من نظرك في زجاء (56) خراجهم، فان الزجاء لا يكون الا بالعمارة، ومن يطلب الزجاء بغير العمارة، يخرب البلاد ويهلك العباد، ولا يقيم ذلك الا قليلا، ولكن اجمع أهل الخراج من كل بلد، ثم مرهم فليعلموك حال بلادهم، والذي فيه صلاحهم وصلاح ارضهم، ورجاء خراجهم، ثم سل عما يدفعون إليك أهل العلم من غيرهم، فان شكوا إليك ثقل خراجهم، أو علة دخلت عليهم، من انقطاع ماء (57)، أو فساد أرض غلب عليها غرق أو عطش أو آفة مجحفة، خففت عنهم ما ترجو ان يصلح الله به ما كان من ذلك، وأمرت بالمعونة على استصلاح ما كان من أمورهم، مما لا يقوون عليه، لان الله جاعل لك في عاقبة الاستصلاح غبطة وثوابا إن شاء الله، فاكفهم مؤونة ما كان من ذلك، ولا تثقلن شيئا خففته عنهم، وان احتملته من المؤونات، فإنما هو ذخر لك عندهم، يقوون (58) به على عمارة بلادك، وتزيين ملكك، مع ما يحسن الله به من ذكرك، ويستجمهم (59) به لغدك، ثم تكون مع ذلك بما ترى من عمارة ارضهم، ورجاء خراجهم، وظهور مودتهم، وحسن نياتهم (60)، واستفاضة الخير فيهم، أقر عينا وأعظم غبطة، وأحسن ذخرا، منك بما كنت مستخرجا منهم بالكد والاجحاف، فان حزنك (61) امر تحتاج فيه إلى الاعتماد عليهم، وجدت معتمدا بفضل قوتهم على ما تريد، بما ذخرت فيهم من الجمام، وكانت مودتهم لك وحسن ظنهم (62) وثقتهم بما عودتهم من عدلك ورفقك، مع معرفتهم بقدرك فيما حدث من الأمور، قوة لهم يحتملون بها ما كلفتهم، ويطيبون بها نفسا بما حملتهم، فان
(١٥٤)