مع ذلك أن يكون لك عليهم عيون من أهل الأمانة والصدق، يحرضونهم (43) عند اللقاء، فيكتبون بلاء كل امرئ منهم حتى كأنك حتى كأنك شاهدته، ثم اعرف لكل امرئ منهم ما كان منه، ولا تجعلن بلاء امرئ منهم لغيره، ولا تقصرن به دون بلائه، وكافئ كل امرئ منهم بقدر ما كان منه، واخصصه بكتاب منك تهزه به وتنبؤه بما بلغك عنه، ولا يحملنك شرف امرئ على أن تعظم من بلائه (إن كان ) (44) صغيرا، ولا ضعف (45) امرئ على أن تستخف ببلائه إن كان جسيما، ولا تفسدن أحدا منهم عندك علة عرضت له، أو نبوة كانت منه، قد كان له قبلها حسن بلاء، فان العز بيد الله يعطيه إذا شاء، ويكفه إذا شاء، ولو كانت الشجاعة تفتعل لافتعلها أكثر الناس، ولكنها طبائع بيد الله ملكها وتقدير ما أحب منها، وان أصيب أحد من فرسانك وأهل النكاية المعروفة في أعدائك، فاخلفه في أهله بأحسن ما يخلف به الوصي الموثوق به، في اللطف [بهم] (46) وحسن الولاية لهم، حتى لا يرى عليهم اثر فقده، ولا يجدوا لمصابه، فان ذلك يعطف عليك قلوب فرسانك، ويزدادون به تعظيما لطاعتك، (وطيب النفس) (47) بالركوب لمعاريض التلف في تسديد امرك، ولا قوة إلا بالله.
ذكر ما ينبغي ان ينظر فيه من أمور القضاة:
انظر في القضاء بين الناس، نظر عارف بمنزلة الحكم عند الله، فان الحكم ميزان قسط الله، الذي وضع في الأرض لانصاف المظلوم من الظالم، والاخذ للضعيف من القوي، وإقامة حدود الله على سنتها ومنهاجها، التي لا يصلح العباد والبلاد الا عليها، فاختر للقضاء بين الناس أفضل رعيتك في نفسك واجمعهم للعلم والحلم والورع، ممن لا تضيق به الأمور، ولا تمحكه الخصوم ولا