شعب الجور والخيانة لله، وادخال الضرر على الناس، وليست تصلح أمور الناس ولا أمور الولاة، الا بصلاح من يستعينون به على أمورهم، ويختارونه لكفاية ما غاب عنهم فاصطف لولاية اعمالك أهل الورع والعفة (53) والعلم بالسياسة، والصق بذوي التجربة والعقول والحياء، من أهل البيوتات الصاحلة، أهل الدين والورع، فإنهم أكرم الناس أخلاقا، وأشد لأنفسهم صونا واصلاحا، وأقل من المطامع اشرافا، وأحسن في عواقب الأمور نظرا من غيرهم، فليكونن عمالك وأعوانك، ولا تستعمل الا شيعتك، ثم أسبغ عليهم العمالات، وأوسع عليهم الأرزاق، فان ذلك يزيدهم قوة على استصلاح أنفسهم، وغنى عن تناول ما تحت أيديهم، وهو مع ذلك حجة لك عليهم، في شئ ان خالفوا فيه امرك، وتناولوا من أمانتك، ثم لا تدع مع ذلك تفقد اعمالهم، وبعثة العيون عليهم، من أهل الأمانة، والصدق فان ذلك يزيدهم جدا في العمارة، ورفقا بالرعية وكفا عن الظلم، وتحفظا من الاعواز، مع ما للرعية في ذلك من القوة، واحذر ان تستعمل أهل التكبر والتجبر والنخوة، ومن يحب الاطراء والثناء والذكر، ويطلب شرف الدنيا، ولا شرف الا بالتقوى، وان وجدت أحدا من عمالك بسط يده إلى خيانة، أو ركب فجورا، اجتمعت لك به عليه اخبار عيونك، من سوء ثناء رعيتك، اكتفيت بها (54) شاهدا، وبسطت عليه العقوبة في بدنه، وأخذته بما أصاب من عمله، ثم بمن نصبته للناس فوسمته بالخيانة، وقلدته عار التهمة، فان ذلك تنكيل وعظمة لغيره، إن شاء الله تعالى.
ذكر ما ينبغي تعاهده من أهل الخراج:
تعاهد أهل الخراج، وانظر كل ما يصلحهم، فان في مصالحهم صلاح من سواهم، ولا صلاح لمن سواهم الا بهم، لأنهم الثمال (55) دون غيرهم، والناس