وعجبت لمن اغتم كيف لا يفزع إلى قوله تعالى: " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " فإني سمعت الله عز وجل يقول بعقبها: " فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين " (1) وعجبت لمن مكر به كيف لا يفزع إلى قوله تعالى " وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد " (2) فإني سمعت الله عز وجل يقول بعقبها: " فوقاه الله سيئات ما مكروا "، وعجبت لمن أراد الدنيا وزينتها كيف لا يفزع إلى قوله تعالى: " ما شاء الله لا قوة إلا بالله " فإني سمعت الله عز وجل يقول بعقبها:
" إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا فعسى ربى أن يؤتين خيرا من جنتك الآية " (3).
و " عسى " موجبة ". (4) 5836 وروى محمد بن زياد الأزدي، عن أبان بن عثمان الأحمر عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) " أنه جاء إليه رجل فقال له: بأبي أنت وأمي يا ابن رسول الله علمني موعظة فقال له (عليه السلام): إن كان الله تبارك وتعالى قد تكفل بالرزق فاهتمامك لماذا؟! وإن كان الرزق مقسوما فالحرص لماذا، وإن كان الحساب حقا فالجمع لماذا؟! وإن كان الخلف (5) من الله عز وجل حقا فالبخل لماذا؟! وإن كانت العقوبة من الله عز وجل النار فالمعصية لماذا؟! وإن كان الموت حقا فالفرح لماذا؟! وإن كان العرض على الله عز وجل حقا فالمكر لماذا؟! وإن كان الشيطان عدوا فالغفلة لماذا؟! وإن كان الممر على الصراط حقا فالعجب لماذا؟! وإن كان كل شئ بقضاء من الله وقدره فالحزن لماذا؟! وإن كانت الدنيا فانية فالطمأنينة إليها